قبل أن تفقدوني. فقام إليه رجل من أقصى المسجد متوكئا على عصاه، فلم يزل يتخطى الناس حتى دنا منه فقال: يا أمير المؤمنين، دلني على عمل أنا إذا عملته نجاني الله من النار. قال له: اسمع يا هذا ثم افهم ثم استيقن! قامت الدنيا بثلاثة:
بعالم ناطق مستعمل لعلمه، وبغني لا يبخل بماله على أهل دين الله، وبفقير صابر.
فإذا كتم العالم علمه، وبخل الغني، ولم يصبر الفقير، فعندها الويل والثبور، وعندها يعرف العارفون بالله أن الدار قد رجعت إلى بدئها؛ أي الكفر بعد الإيمان.
أيها السائل! فلا تغترن بكثرة المساجد وجماعة أقوام أجسادهم مجتمعة وقلوبهم شتى.
أيها السائل! إنما الناس ثلاثة: زاهد وراغب وصابر.
فأما الزاهد فلا يفرح بشيء من الدنيا أتاه، ولا يحزن على شيء منها فاته؛ وأما الصابر فيتمناها بقلبه، فإن أدرك منها شيئا صرف عنها نفسه لما يعلم من سوء عاقبتها؛ وأما الراغب فلا يبالي من حل أصابها أم من حرام.
قال له: يا أمير المؤمنين، فما علامة المؤمن في ذلك الزمان؟ قال: ينظر إلى ما أوجب الله عليه من حق فيتولاه، وينظر إلى ما خالفه فيتبرأ منه وإن كان حميما قريبا. قال: صدقت والله يا أمير المؤمنين!
ثم غاب الرجل فلم نره، فطلبه الناس فلم يجدوه، فتبسم علي (عليه السلام) على المنبر ثم قال: ما لكم! هذا أخي الخضر (عليه السلام) (1).
4 / 7 التكلم مع الأرض 5928 - علل الشرائع عن تميم بن جذيم: كنا مع علي (عليه السلام) حيث توجهنا إلى