تربتها فشمها، ثم قال:
واها لك أيتها التربة، ليحشرن منك قوم يدخلون الجنة بغير حساب.
فلما رجع هرثمة من غزوته إلى امرأته - وهي جرداء بنت سمير، وكانت شيعة لعلي - فقال لها زوجها هرثمة: ألا أعجبك من صديقك أبي الحسن؟ لما نزلنا كربلاء رفع إليه من تربتها فشمها وقال: واها لك يا تربة، ليحشرن منك قوم يدخلون الجنة بغير حساب! وما علمه بالغيب؟
فقالت: دعنا منك أيها الرجل، فإن أمير المؤمنين لم يقل إلا حقا.
فلما بعث عبيد الله بن زياد البعث الذي بعثه إلى الحسين بن علي وأصحابه، قال: كنت فيهم في الخيل التي بعث إليهم، فلما انتهيت إلى القوم وحسين وأصحابه عرفت المنزل الذي نزل بنا علي فيه، والبقعة التي رفع إليه من ترابها، والقول الذي قاله، فكرهت مسيري، فأقبلت على فرسي حتى وقفت على الحسين، فسلمت عليه، وحدثته بالذي سمعت من أبيه في هذا المنزل.
فقال الحسين: معنا أنت أو علينا؟
فقلت: يا بن رسول الله، لا معك ولا عليك، تركت أهلي وولدي أخاف عليهم من ابن زياد.
فقال الحسين: فول هربا حتى لا ترى لنا مقتلا، فوالذي نفس محمد بيده لا يرى مقتلنا اليوم رجل ولا يغيثنا إلا أدخله الله النار.
قال: فأقبلت في الأرض هاربا حتى خفي علي مقتله (1).