ما أحببت»، قالت له: تزوج فلانة تكون لولدي مربية من بعدي مثلي، واعمل نعشا رأيت الملائكة قد صورته لي، فقال لها علي (عليه السلام): «أريني كيف صورته؟» فأرته ذلك كما وصفت له وكما أمرت به، ثم قالت: فإذا أنا قضيت نحبي فأخرجني من ساعتك أي ساعة كانت من ليل أو نهار ولا يحضرن من أعداء الله وأعداء رسوله للصلاة علي أحد. قال علي (عليه السلام): أفعل.
فلما قضت نحبها صلى الله عليها وهم في ذلك في جوف الليل أخذ علي (عليه السلام) في جهازها من ساعته كما أوصته، فلما فرغ من جهازها أخرج على الجنازة وأشعل النار في جريد النخل ومشى مع الجنازة بالنار حتى صلى عليها ودفنها ليلا.
فلما أصبح أبو بكر وعمر عاودا عائدين لفاطمة فلقيا رجلا من قريش فقالا له:
من أين أقبلت؟ قال: عزيت عليا بفاطمة، قالا: وقد ماتت؟ قال: نعم، ودفنت في جوف الليل فجزعا جزعا شديدا، ثم أقبلا إلى علي (عليه السلام) فلقياه وقالا له: والله ما تركت شيئا من غرايلنا ومساءتنا وما هذا إلا من شيء في صدرك علينا. هل هذا إلا كما غسلت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) دوننا ولم تدخلنا معك وكما علمت ابنك أن يصيح بأبي بكر أن أنزل عن منبر أبي؟
فقال لهما علي (عليه السلام): «أتصدقاني إن حلفت لكما»؟ قالا: نعم، فحلف فأدخلهما على المسجد فقال:
«إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لقد أوصاني وتقدم إلي أنه لا يطلع على عورته أحد إلا ابن عمه، فكنت أغسله والملائكة تقلبه والفضل بن العباس يناولني الماء وهو مربوط العينين بالخرقة، ولقد أردت أن أنزع القميص، فصاح بي صائح من البيت سمعت الصوت ولم أر الصورة: لا تنزع قميص رسول الله، ولقد سمعت الصوت يكرره علي، فأدخلت يدي من بين القميص فغسلته ثم قدم إلي الكفن ثم نزعت القميص بعد ما كفنته.