رأيناك حين توفي نازعت ثم أقررت، فإن كانا لم يركبا من الأمر جددا، فكيف أذعنت لهما بالبيعة، ونجعت بالطاعة! وإن كانا أحسنا فيما وليا، ولم اقصر عنهما في ديني وحسبي وقرابتي، فكن لي كما كنت لهما.
فقال علي (عليه السلام):
«أما الفرقة، فمعاذ الله أن أفتح لها بابا، وأسهل إليها سبيلا، ولكني أنهاك عما ينهاك الله ورسوله عنه، وأهديك إلى رشدك. وأما عتيق وابن الخطاب فإن كانا أخذا ما جعله رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لي، فأنت أعلم بذلك والمسلمون، ومالي ولهذا الأمر وقد تركته منذ حين، فأما ألا يكون حقي بل المسلمون فيه شرع فقد أصاب السهم الثغرة (1)، وأما أن يكون حقي دونهم فقد تركته لهم، طبت به نفسا، ونفضت يدي عنه استصلاحا.
وأما التسوية بينك وبينهما، فلست كأحدهما، إنهما وليا هذا الأمر، فظلفا (2) أنفسهما وأهلهما عنه، وعمت فيه وقومك عوم السابح في اللجة، فارجع إلى الله أبا عمرو، وانظر هل بقي من عمرك إلا كظمئ الحمار! (3) فحتى متى وإلى متى؟ ألا تنهى سفهاء بني امية عن أعراض المسلمين وأبشارهم وأموالهم؟! والله لو ظلم عامل من عمالك حيث تغرب الشمس لكان إثمه مشتركا بينه وبينك.» قال ابن عباس: فقال عثمان: لك العتبى، وأفعل وأعزل من عمالي كل من تكرهه ويكرهه المسلمون. ثم افترقا، فصده مروان بن الحكم عن ذلك وقال:
يجترئ عليك الناس، فلا تعزل أحدا منهم.