الوداع ويوم قبض، فانظر في آخر خطبة خطبها حين قال: «إني قد تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما، كتاب الله وأهل بيتي، فإن اللطيف الخبير قد عهد إلي أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض كهاتين الإصبعين - وأشار بمسبحته والوسطى - فإن إحداهما قدام الاخرى، فتمسكوا بهما لا تضلوا ولا تزلوا، ولا تقدموهم ولا تخلفوا عنهم ولا تعلموهم فإنهم اعلم منكم». وإنما أمر العامة أن يبلغوا من لقوا من العامة بايجاب طاعة الأئمة من آل محمد (عليهم السلام) وإيجاب حقهم، ولم يقل ذلك في شيء من الأشياء غير ذلك، وإنما أمر العامة أن يبلغوا العامة بحجة (1) من لا يبلغ عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) جميع ما بعثه الله به غيرهم.
ألا ترى يا طلحة، ان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لي - وأنتم تسمعون -: «يا أخي، إنه لا يقضي عني ديني ولا يبرئ ذمتي غيرك، أنت تبرئ ذمتي وتؤدي أمانتي وتقاتل على سنتي» فلما ولى أبو بكر هل قضى عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) دينه وعداته؟
فأثبتهم جميعا (2) فقضيت دينه وعداته، وأخبرهم أنه لا يقضي عنه دينه وعداته غيري. ولم يكن ما أعطاهم أبو بكر بقضاء لدينه وعداته، وإنما كان قضاي دينه وعداته هو الذي أبرء ذمته وقضى أمانته.
وإنما يبلغ عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) جميع ما جاء عن الله عزوجل الأئمة الذين فرض الله طاعتهم في كتابه وأمر بولايتهم، الذين من أطاعهم أطاع الله ومن عصاهم عصى الله.» فقال طلحة: فرجت عني، ما كنت أدري ما عنى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بذلك حتى فسرته لي، فجزاك الله يا أبا الحسن خيرا عن جميع الامة.
* كتاب سليم الحديث 11 ص 653، الاحتجاج للطبرسي ج 1 ص 352.