الباذخ (1)، المعبود بالآلاء، رب الأرض والسماء أحمده على حسن البلاء وفضل العطاء، وسوابغ النعماء، وعلى ما يدفع ربنا من البلاء، حمدا يستهل (2) له العباد وينموا به البلاد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له لم يكن شيء قبله، ولا يكون شيء بعده.
وأشهد أن محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) عبده ورسوله اصطفاه بالتفضيل، وهدى به من التضليل، اختصه لنفسه، وبعثه إلى خلقه برسالاته وبكلامه، يدعوهم إلى عبادته وتوحيده والإقرار بربوبيته والتصديق بنبيه (صلى الله عليه وآله وسلم)، بعثه على حين فترة من الرسل وصدف (3) عن الحق وجهالة بالرب وكفر بالبعث والوعيد، فبلغ رسالاته، وجاهد في سبيله، ونصح لامته، وعبده حتى أتاه اليقين (صلى الله عليه وآله وسلم) كثيرا.
اوصيكم ونفسي بتقوى الله العظيم، فإن الله عزوجل قد جعل للمتقين المخرج مما يكرهون والرزق من حيث لا يحتسبون فتنجزوا من الله موعوده، واطلبوا ما عنده بطاعته، والعمل بمحابه، فإنه لا يدرك الخير إلا به، ولا ينال ما عنده إلا بطاعته، ولا تكلان فيما هو كائن إلا عليه ولا حول ولا قوة إلا بالله.
أما بعد فإن الله أبرم الامور وأمضاها على مقاديرها، فهي غير متناهية عن مجاريها دون بلوغ غاياتها فيما قدر وقضى من ذلك، وقد كان فيما قدر وقضى من أمره المحتوم وقضاياه المبرمة ما قد تشعبت به الأخلاف (4)، وجرت به الأسباب وقضى من تناهي القضايا بنا وبكم إلى حضور هذا المجلس الذي خصنا الله وإياكم للذي كان من تذكرنا آلائه