وعقد رؤساؤهم الاجتماعات المواصلة للنظر في حالهم، والعمل على تخفيف ما حل بهم (1).
نظر أهل إيلياء إلى حالهم فوجدوا أنفسهم في ضنك عظيم وحصار شديد، وقد أيقنوا بانقطاع المدد عنهم واستيلاء المسلمين على أطراف الشام ومدنها العظام وأنهم مأخوذون لا محالة، وأن دولة الروم دالت وسلطتهم عن البلاد زالت، وخافوا إذا سلموا المدينة للمسلمين أن لا يصالحوهم على ما صولح عليه أهل المدن الأخرى، لكثرة ما لاقى المسلمون في حربهم من العناء، وما بذلوا في قتالهم من الدماء، ولما تحقق عندهم أن بيت المقدس مكرم عند المسلمين، لأنه محل الإسراء ومقر الأنبياء. والظاهر أنهم خافوا لهذا السبب على كنيستهم العظمى أن ينزعها منهم المسلمون، وقبلتهم المقدسة إن يحرمها منهم الفاتحون.
فأخذ الروع بقلوب أهل بيت المقدس فرأوا توكيدا للأمان وتوثيقا لعرى العهد أن يباشروا ذلك مع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فطلبوا من الأمراء حضوره بنفسه. ولم تكن إلا عشية أو ضحاها حتى ظهر بطريرقهم (سفرونيوس) على الأسوار طالبا التسليم على أن يكون المتولي للصلح أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فكاتبه الأمراء في ذلك فرضى عمر ورحل إلى الجابية، وكتب لأهل إيلياء كتابا أشهد فيه القواد من المسلمين ومن بينهم عمرو بن العاص.
وقد وردت صورته في كثير من كتب التاريخ. وكان فتح إيلياء سنة 16 للهجرة أو أواخر سنة 15 ه (635 م) (2).