ذلك أصدر الحاكم الأوامر المشددة بإبطال أيام الأعياد العمومية، وإقفال الحمامات، وإلغاء إعانة الغلال (1).
وما زالت هذه الاختلافات الدينية منشأ لمصائب المصريين - إن قام قيصر ملكي أمر باضطهاد اليعاقبة وإذلالهم - وإن قام قيصر يعقوبي فعل العكس، والرزايا على كلتا الحالتين تنتاب الرعية. وأشنع ما أصاب المصريين في هذا السبيل كان في عهد القيصر (يوشينانوس) (518 - 527 م) الذي تساهل في بادئ الأمر منتظرا سنوح الفرصة لحسم النزاع - وقد أنفذ بطريرقا ملكيا إلى الإسكندرية، فجاهر الأهالي بالثورة، ووقعت على أثر ذلك معركة دموية فامتلأت الشوارع بأشلاء القتلى من الأهالي والجند، وأحرقت عاصمة الإمبراطورية الرومانية الثالثة.
وأقام الأهالي بطريرقا يعقوبيا، وانسحب البطريرق الروماني أو الملكي، ولم تقو القوى الإمبراطورية على شد أزره.
لما رأى (يوستنيانوس) أن بغض المصريين لبطارقة الروم قد بلغ أشده، وأيقن أن التساهل لن يجديه نفعا، عول على مقابلة الشدة بمثلها، فأنفذ (أپوليناريس) إلى الإسكندرية - فدخل المدينة في زي العسكرية (551 ق. م) ووزع الجنود المسلحين في الشوارع، وأحاط بهم أسوار الكنيسة، وأكثر منهم في صدرها للمحافظة على شخصه. ولما طلع المنبر نزع ثياب الجند، فظهر لهم مرتديا بثياب بطريرق الإسكندرية. فأخذت الدهشة من الأهلين كل مأخذ، وهم أپوليناريس يقدس فانهالت عليه اللعنات من جميع الحاضرين، وأخذوا يرجمونه بالأفواه والحجارة. ولم تكن إشارة واحدة من البطريرق حتى داهمت جنوده الأهلين، وأعملوا السيف فيهم، حتى خاض الجند في الدماء. قال