(جبون): ويقال إنه قتل بالسيف في هذا اليوم مائتا ألف - وكانت نتيجة هذه الموقعة أن انتقلت جميع أملاك الكنيسة في مصر إلى يد حاكم الإسكندرية (1).
والظاهر أن قيصر الروم لما رأى أن يضع حدا لهذا الشجار منح البطريرق مركز الحاكم في مصر حتى يتسنى له تحصيل الجباية، وتموين رومة بالغلال بما له من القوى الحربية لتأييد السلام.
ظل حكام الروم بعد ذلك لا يفترون عن إيقاع الأذى بالمصريين - فرفض هؤلاء لغة اليونان وعاداتهم، وأصبح كل ملكي في نظرهم غريبا عنهم، وكل يعقوبي منهم. وقد اعتبروا الزواج منهم والاشتراك معهم في المناصب جريرة لا تغتفر.
ولم تكن طاعتهم للإمبراطور وتنفيذ أمراه إلا إرغاما تحت ضغط قوته الحربية.
وكان أقل مجهود يكفي لإنقاذ الدين ورد حرية مصر المسلوبة.
وقد كان من المتيسر أن تخرج الأديرة (وعددها زهاء ستمائة)، عشرات الآلاف من المقاتلين الذين أصبح الموت أحب إليهم من الحياة المفعمة بالبؤس والشقاء، ولكن التجربة قد دلت على العكس، ذلك أن هؤلاء المتعصبين لدينهم الذين كانوا يتحملون الآلام (الخازوق) وغيره من آلات التعذيب بلا تأوه سرعان ما كانوا يرتجفون ويولون الأدبار أمام عدو مسلح، فلم تكن لديهم من سبيل للخلاص مما هم فيه إلا بقوة أجنبية كقوة خسرو ملك العجم (615 - 617 م) التي أنقذت اليعاقبة من نير الروم ردحا قصيرا من الزمن انتصر بعدها هرقل (627 م) على العجم وجدد الفظائع وزاد عليها، ففر البطريرق بنيامين إلى الصحراء.