قال اليعقوبي: قال معاوية: مد يدك فبايعني. فقال عمرو: لا لعمر الله لا أعطيك ديني حتى أخذ من دنياك. فقال معاوية: لك مصر طعمة، وطلب من عمرو أن يبيت عنده ليلته مخافة أن يفسد عليه الناس ففعل، وقال عمرو:
معاوي لا أعطيك ديني ولم أنل * به منك دنيا فانظرن كيف تصنع فإن تعطني مصرا فأربح بصفقة * أخذت بها شيخا يضر وينفع ويظهر أن هذه الأبيات والتي قبلها، وما يقال من أمثال هذا الكلام نثرا، مصنوع من خصوم عمرو ومعاوية، ليظهروهما بمظهر المكابر للحق. الراغب في الدنيا ومتاعها. المستسهل للجور. العامل على الدفع في صدر الحق نظير متاع قليل.
فكتب له معاوية بمصر شرطا، وختم الشرط بعد أن بايعه عمرو وتعاهدا على الوفاء (اليعقوبي ج 1 ص 216).
رجع جرير إلى علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، وأخبره بحال معاوية، وأنه قد أصر على أن يقاتله بجند الشام الذي هالهم قتل عثمان، فبكوا واستبكوا حين رأوا قميصه الذي قتل فيه مخضبا بدمه وإليه أصبح زوجه نائلة وكانت معلقة فيه.
وضع معاوية الثوب على المنبر، وكتب بالخبر إلى الأجناد، فآلوا على أنفسهم أن لا يهدأ بالهم حتى يأخذوا بثأر عثمان، ولو فنيت أرواحهم على بكرة أبيهم، وأجمعوا على قتال على اعتقادا منهم أنه هو الذي قتل عثمان وآوى قتلته.
أما مبايعة عمرو لمعاوية حين قدم عليه فشئ لا يمكن تصديقه، لأنه كيف يعقل أن يبايعه بالخلافة في مبدأ الأمر، وجو السياسة لا يزال