فتباغيا، فكتب عبد الله ابن سعد إلى عثمان يقول: إن عمرا كسر الخراج، وكتب عمرو: إن عبد الله كسر على حيلة الحرب، فكتب عثمان إلى عمرو أن ينصرف، وولى عبد الله بن سعد الخراج.
وهذه النفرة التي كانت بين عمرو وعبد الله، وشكاية كل منهما من صاحبه لا بد أن تتطلب زمنا حتى يفصل أمير المؤمنين في الأمر.
لهذا نرى أن اعتزال عمرو بن العاص ولاية مصر كان بعد انتقاض الروم في الإسكندرية، وكان في أواخر سنة 26 ه أو في أوائل سنة 27 ه، وهو الأرجح، لأن عبد الله بن سعد لم يتول مصر إلا بعد غزو إفريقية، وإذا ثبت ذلك فلا يعقل أن يكون اعتزال عمرو بن العاص أن عثمان أراد أن يجعله على الحرب وعبد الله بن سعد على الخوارج فأبى وقال: (أنا إذا كماسك البقرة بقرنيها وآخر يحلبها).
وكانت سياسة عمر بن الخطاب تقضي بأن يكون الخراج والحكم في يد وال واحد، وهذه السياسة موافقة:
أولا: للسذاجة الأولى.
ثانيا: للنظام الجمهوري عند الرومانيين.
أما سياسة عثمان بن عفان فكانت تقضي:
أولا: باختيار العمال من أقاربه، ومن بينهم وبينه صلة.
ثانيا: الفصل بين الحرب والخراج، لأجل أن يستطيع التدخل في كل شئ، وتضييق سلطة العمال، وهي توافق سياسة الأباطرة.
أما عمرو بن العاص فكان:
أولا: متعودا سياسة عمر.