عمرو أن الله يراك ويرى عملك، فإنه قال تبارك وتعالى في كتابه:
(واجعلنا للمتقين إماما) يريد أن يقتدي به، وإن معك أهل ذمة وعهد، وقد أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بهم وأوصى بالقبط فقال (استوصوا بالقبط خيرا فإن لهم ذمة ورحما) ورحمهم أن أم إسماعيل منهم، وقد قال صلى الله عليه وسلم (من ظلم معاهدا أو كلفه فوق طاقته فأنا خصمه يوم القيامة) إحذر يا عمرو أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم لك خصما، فإنه من خاصمه خصمه، والله يا عمرو لقد ابتليت بولاية هذه الأمة، وآنست من نفسي ضعفا، وانتشرت رعيتي ورق عظمى، فأسأل الله أن يقبضني إليه غير مفرط، والله إني لأخشى لو مات جمل بأقصى عملك ضياعا أن أسأل عنه. إ ه.
ومن هنا يتضح أنه كان لعمرو منزلة خاصة في نفس عمر بالرغم من معاملته الشديدة في مكاتباته له. ولم تقف معاملة عمر لعمرو عند هذا الحد بل قاسمه ماله (عمرا) كما يعلم من رواية البلاذري (ص 217) قال: كان عمر بن الخطاب يكتب أموال عماله إذا ولاهم، ثم يقاسمهم ما زاد على ذلك وربما أخذه منهم، فكتب إلى عمرو بن العاص (إنه قد فشت لك من متاع ورقيق وآنية وحيوان، لم تكن حين وليت مصر).
فكتب إليه عمرو: إن أرضنا أرض مزدرع ومتجر، ونحن نصيب فضلا عما نحتاج إليه لنفقتنا. إليه عمر: إني قد خبرت من عمال السوء ما كفى، وكتابك إلى كتاب من أقلقه الأخذ بالحق، وقد سؤت بك ظنا، وقد وجهت إليك محمد بن مسلمة ليقاسمك مالك، فأطلعه طلعه وأخرج إليه ما يطالبك، وأعفه من الغلظة عليك، فإنه برح الخفاء.
فقاسمه عمرو ماله. إ ه.