جباية حراج بلادهم، واهتمامه بالنظر في أمورهم، والسهر على ترفيههم، يؤيد ذلك أنه بعد استيلائه على حصن بابليون، كتب بيده عهدا للقبط بحماية كنيستهم، ولعن كل من يجرؤ من المسلمين على إخراج القبط منها.
ومما يدل أيضا على حسن سياسة عمرو أنه لم يفرق بين الملكية واليعاقبة من المصريين، فلم يتحيز لأحد الطرفين، فكانا متساويين أمام القانون، وأظلهما بعدله، وحماهما بحسن تدبيره، ولم يتبع السياسة القائلة (فرق تسد). تلك السياسة العقيمة التي ظهر للملأ أنها تؤدي إلى أوخم العواقب. لهذا لا ينكر علينا أحد إذا قلنا إن عمرو بن العاص قد نال من السلطان فوق ما كان يتمناه، فدانت له البلاد قاصيها ودانيها، وأجمعت على محبته، حتى كان يقال: (ولاية مصر جامعة تعدل الخلافة).