تاريخ عمرو بن العاص - دكتر حسن إبراهيم حسن - الصفحة ٢٢١
الدليل الواضح على أن عمرا أراد أن يقنع الخليفة بأنه مع رفقه ولطفه بالمصريين لا يستطيع أن يقنعه.
أراد عمر أن يوسع على عمرو لكي لا يتطلع إلى أموال الخراج، فكتب إليه كتابا يعلمه بذلك، ويبين له طريقة توزيع الخراج:
أما بعد فأني فرضت لمن قبلي في الديوان (أي فرض العطاء) ولمن ورد علينا من أهل المدينة وغيرهم ممن توجه إليك وإلى البلدان، فانظر من فرضت له ونزل بك، فاردد عليه العطاء وعلى ذريته، ومن نزل بك ممن لم أفرض له، فافرض له على نحو ما رأيتني فرضت لأشباهه، وخذ لنفسك مائتي دينار (1) ولم أبلغ بهذا أحدا من نظرائك غيرك، لأنك من عمال المسلمين، فألحقتك بأرفع ذلك، وقد علمت أن مؤنا تلزمك، فوفر الخراج وخذه من حقه، ثم عف عنه بعد جمعه، فإذا حصل إليك وجمعته، أخرجت عطاء المسلمين، وما يحتاج إليه مما لا بد منه، ثم انظر فيما بقي بعد ذلك فاحمله إلي، واعلم أن ما قبلك من أرض مصر ليس فيها خمس، وإنما هي أرض صلح (2) وما فيها للمسلمين فئ، تبدأ بمن أغنى عنهم في ثغورهم (أي المرابطين)، وأجزأ (3) عنهم في أعمالهم، ثم اقض ما فضل بعد ذلك على من سمى الله (4) واعلم يا

١ - لعل هذا الفرض الذي فرضه لعمرو هو جرايته (مرتبه) على عمله لا فرض العطاء إذ إن عمر كان يجري على العمال جراية هي غير نصيبهم من العطاء، وقد ذكر في سراج الملوك أن عمر أجرى على عمار في كل شهر ستمائة درهم مع عطائه لولاته وكتابه ومؤذنيه، وأجرى عليه في كل يوم يصف شاة ورأسها وجلدها وأكارعها، ومن هنا يعلم أن عماله كان لهم جرايات، وهي غير العطاء كما يتضح ذلك من قوله: (مع عطائه).
٢ - وهذا يؤيد رأينا بأن مصر فتحت صلحا لا عنوة، وأن عمر قد أمر بأن يعامل أهالي المدن التي فتحت عنوة معاملة الصلح، فشمل ذلك جميع المصريين على السواء.
٣ - أقض.
٤ - أي في القرآن.
(٢٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 ... » »»
الفهرست