ما كانت تؤديه، إن صبح أن مصر كانت تؤدي هذا المقدار قبل الإسلام، أي أن الخراج كان أقل من عشة آلاف ألف (000، 000، 10) ولا ندري ما هي المعاريض التي كان يأتي بها عمرو، وقد ظن عمر أن قلة الخراج كانت راجعة إلى عدم مراقبته عمال الخراج وقلة جبايته، وأنهم كانوا يستولون على بعضها لأنفسهم، وإن صح ذلك كان نقط ضعف في سياسة عمرو، ولكن إذا عرفنا أن من أموال الخراج كانت تدفع أعطيات الجند، وتنفذ المشاريع التي يتطلبها الاصلاح، كشق الترع وبناء القناطر، فلا نحجم عن القول بأن عمرا كان له العذر فيما فعل، إذ راعى مصلحة الدولة الحاكمة والبلاد المحكومة، ورأى أن مصر في حاجة إلى الاصلاح الذي لا يتم إلا بالمال، وكتاب عمر كما يظهر مفعم بالتعريض واللوم.
أما قول عمر رضي الله: إنها لا تؤدي يصف ما كانت تؤديه قبل ذلك، يفيد أن عمرا قد خفف على المصريين الأعباء الثقيلة التي كانوا يئنون تحتها من تعدد الضرائب التي شملت كل شئ كما قدمنا، وهو مظهر من مظاهر الاستبداد لا يرضى به عمرو. ومن راجع كتاب المستر ملن (مصر في عهد الرومان) حيث أفرد فيه بابا خاصا للضرائب، لا يسعه إلا أن يعزو نقص الخراج في أيام عمرو عما كان عليه في عهد الروم إلى إلغاء كثير منها، وعدم رضائه بالإخلال بعهده لأهل مصر، ذلك العهد الذي شمل شروطا ثابتة، راعى فيها عدد القبط وحال الأرضين. ولا شك أن خراج مصر قد قل نسبيا بعد الفتح لاعتناق كثير من المصريين الإسلام فيما بعد. ففي أيام الدولة الأموية كتب عمر بن عبد العزيز إلى حيان بن شريح أن يضع الجزية عمن أسلم، فكتب إليه حيان إن الإسلام قد أضر بالجزية حتى سلف من الحارث ابن ثابت عشرين ألف درهم أتم بها عطاء أهل الديوان، وطلب منه أن يأمر بقضائها، فكتب إليه عمر (ضع الجزية عمن أسلم قبح الله رأيك، فإن الله