إمرته من الجند سلاحهم، وقذفوا بأنفسهم في الماء فلم يعثروا على قواربهم. وقد ولى فيها الملاحون الأدبار حين شعروا بدنو الخطر منهم لينجوا بأنفسهم حتى لحقوا بقراهم. وفي هذا الأثناء انقض المسلمون على الروم العزل في الماء ووضعوا السيف في رقابهم، وعلى أثر ذلك دخل العرب المدينة بلا مقاومة، حيث لم يبق من جند الروم على قيد الحياة أحد، وإن العرب قتلوا كل من لجأ إلى الكنائس أو صادفوه في شوارع المدينة رجالا ونساء وأطفالا (1).
وهذا محض افتراء لأن العرب لم يعلم عنهم أنهم تعرضوا لأهالي البلاد التي افتتحوها وهم عزل من السلاح غير قادرين على القتال. بل بالعكس كانوا يؤمنونهم على أموالهم وعيالهم في حين خلودهم إلى السكينة، وجنوحهم إلى السلام ورغبتهم في استتباب الأمن والنظام.
وقد ذكر المقريزي (ج 1 ص 167) أن أول موضع قوتل فيه عمرو هو (مربوط) مع أن المسافة بين مريوط وطرنوط بعيدة جدا، ولعل هذا الخلط ناشئ من عدم دراية النساخ بالمواقع الجغرافية.
أرسل عمرو بن العاص شريك بن سمى لتعقب جيش الروم المرتد على أعقابه، فأخذ يطاردهم حتى أدركهم عند كوم شريك (2) فأحاطت به الروم، فلما رأى ذلك شريك بن سمى أمر أبا ناعمة مالك بن ناعمة الصدفي فجد في السير فلم تدركه الروم حتى أتى عمرا فأخبره، فأقبل بجنده وسمعت به الروم فانصرفت بعد قتال دام بينهم وبين