فألح المقوقس على عبادة وأصحابه أن يجيبوه إلى خصلة غير هذه الثلاث خصال. فرفع عبادة يديه وقال: لا ورب هذه السماء ورب هذه الأرض ورب كل شئ، ما لكم عندنا خصلة غيرها فاختاروا لأنفسكم.
فقال المقوقس لمن حوله: أجيبوني وأطيعوا القوم إلى خصلة من هذه الثلاث فوالله ما لكم بهم طاقة، وإن لم تجيبوا إليهم طائعين لتجيبنهم إلى ما هو أعظم منها كارهين (1). أه.
رجع المقوقس وأصحابه إلى الحصن حيث عقد اجتماعا يعرض عليه حالهم وحال المسلمين إزاءهم، فأبوا أن يذعنوا لسلطان العرب وخالفوا المقوقس، وقبحوا رأيه، وعولوا على مواصلة القتال.
ومن هنا ظهر الخلاف بين روايات المؤرخين ظهورا بينا بحيث يصعب أن يقف على ما كان بين المسلمين والروم قبل أن يعقد المقوقس مع عمرو الصلح، ويكتب بذلك إلى هرقل.
1 - ذكر ابن عبد الحكم والمقريزي: أن شروط عمرو قد رفضت فألح المسلمون عند ذلك بالقتال حتى ظفروا بمن في القصر وقتلوا منهم خلفا كثيرا. ولما رأى المحاصرون ذلك قبلوا ما كان قد حملهم عليه المقوقس وأذعنوا بالجزية (2).
2 - وقد ذكر السيوطي: أنه بعد انصراف عبادة بن الصامت نصح المقوقس لأصحابه أن يعملوا برأيه فيؤدوا الجزية للعرب، فرضوا بذلك، وطلب المقوقس الاجتماع بعمرو وببعض أصحابه فاجتمعوا واصطلحوا على أن يكتب بذلك