بمذهب المقوقس، أيعقوبيا كان أو ملكيا، وإذا كان ملكيا فلم صالح العرب وساعدهم؟
مما تقدم يعلم أن (بطلر) اعتمد على ما رواه ساويرس أسقف الأشمونين من أن المقوقس كان ملكيا، فجزم بصحة ما ذكره ساويرس وأنه طرح كلام مؤرخي العرب والإفرنج جميعا، بعد بحث طويل ومجهود كبير، وأن ما ذكره سواه خطأ محض، فبنى حكمه على ما قرأه في كتاب هذا الأسقف. ولكن للأسف قرر بطلر في سياق مدحه له أنه يستحيل على القارئ قراءة كتاب ساويرس لنقص في الإتقان، وكيف يجزم بطلر بصحة ما ذكره ساويرس وكتاب مهمل عديم التنسيق؟
فإذا سلم بطلر بأن (أوطيخا) الملكي المذهب قد جعل المقوقس يعقوبيا لكي لا تقع على الملكيين تبعة عمله، فلم لا يظن أيضا أن (ساويرس) اليعقوبي المذهب قد جعله ملكيا لأنه خان البلاد وصالح العرب عليها كما عد غيره من المؤرخين عمل المقوقس خيانة عظمى ومن بينهم بطلر؟
وإذا كان المقوقس رومانيا ملكيا محببا للروم لا يخشى سوءا إذا احتفظ بمصر فلم التف حوله القبط وتابعوه وصالحوا العرب لمصلحة لهم وهو ملكي؟ وقد قدمنا أن اليعاقبة كانوا يعتبرون مجرد الاشتراك مع الملكيين في أي عمل خيانة عظمى لا تغتفر.
إذا كان المقوقس ملكي المذهب، وأنه هو الذي نكل بالقبط عشر سنين فكيف يعقل أن يكون القبط في صفه، وأن تتركه الروم وشأنه ولم ينقض الصلح مع القبط، بينما استمر الروم في الدفاع عن البلاد إلى النهاية؟
لهذا لا نوافق (بطلر) ولا غيره من المؤرخين الذين رأوا أن المقوقس