في أرضنا، وأنتم عصبة يسيرة. وقد أظلتكم الروم، وجهزوا إليكم ومعهم العدة والسلاح، وقد أحاط بكم هذا النيل. وإنما أنتم أسارى في أيدينا، فابعثوا إلينا رجالا منكم نسمع من كلامهم، فلعله أن يأتي الأمر فيما بيننا وبينكم على ما تحبون ونحب، وينقطع عنا وعنكم القتال قبل أن تغشاكم جموع الروم، فلا ينفعنا الكلام ولا نقدر عليه. ولعلكم تندمون أن كان الأمر مخالفا لطلبتكم ورجائكم، فابعثوا إلينا رجالا من أصحابكم نعاملكم على ما نرضى نحن وهم به من شئ. أه.
وقد أخطأ المقوقس في فهم عمرو بن العاص، فخفي عليه أنه لا يؤتى بالتهديد والتخويف، فأرسل إليه مع رسله هذه العبارة التي تشتم منها رائحة الارهاب والتهديد إذ توهم أن جموع الروم وما معهم من العدة والسلاح تحول دون تنفيذ إرادة عمرو أو تؤثر فيما أوتيه من صدق الإيمان وحسن اليقين وعدم المبالاة بالموت ابتغاء مرضاة الله ونصرة الإسلام.
فلما أتت عمرو بن العاص رسل المقوقس أبقاهم عنده يومين حتى خاف عليهم المقوقس فقال لقومه: أترون أنهم يقتلون الرسل ويستحلون ذلك في دينهم؟ ولم يدر المقوقس أن عمرا إنما أبقاهم ليروا حال المسلمين. وبعد انقضاء اليومين رد عليهم عمرو قائلا: إنه ليس بيني وبينكم إلا إحدى ثلاث خصال:
1 - أما إن دخلتم في الإسلام فكنتم إخواننا، وكان لكم ما لنا وعليكم ما علينا.
2 - وإن أبيتم فأعطيتم الجزية عن يد وأنتم صاغرون.
3 - وإما إن جاهدناكم بالصبر والقتال حتى يحكم الله بيننا وبينكم وهو أحكم الحاكمين.
سر المقوقس بقدوم رسله، وسألهم عن حال العرب فأجابوا: