الخامسة عشرة: وبتحريم الرجوع إذا خرج لحرب.
السادسة عشرة: وبتحريم الانهزام إذا لقي العدو، وان كثر عليه العدد ذكرهما ابن سراقة في الاعداد، وأبو سعيد في (الشرف).
روى السلمي في الحقائق عن الفيروزآبادي، في قوله تعالى: (الان خفف الله عنكم) (الأنفال / 66) قال: هذا التخفيف كان للأمة دون رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن لا يثقله حمل أمانة النبوة، كيف يخاطب بتخفيف اللقاء للامتداد؟ وكيف يخاطب وهو الذي يقول: بك أصول بك أجول؟ ومن كان به كيف يخفف عنه، أو يثقل عليه؟ ونقله الطيبي من حاشية الكشاف وأقره.
السابعة عشرة: وبتحريم مد العين إلى ما متع به الناس قال الله - سبحانه وتعالى -: (ولا تمدن عينيك ال ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى) (طه / 131).
وقال تبارك وتعالى: (ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم. لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم) (الحجر / 87 - 88). فان قيل: ظاهر الآية يقتضي الزجر عن التشوق إلى متاع الدنيا على الدوام، فما الجمع بين ذلك وبين قوله: (حبب إلي من دنياكم الطيب والنساء، وجعلت قرة عيني في الصلاة).
والجواب: أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن متشوقا إلى زخرف الدنيا ولذاتها ولقد عرض عليه أن تكون له جبال مكة ذهبا تسير معه حيث سار فأباها، واختار الافتقار إلى الله تعالى. معلوم أن الذهب يتحصل به جميع ما يقصده من أعراض الدنيا وزخارفها، وتقلله من الدنيا أمر شائع ذائع أصحت به الأحاديث. وتقدم بعض ذلك في باب زهده صلى الله عليه وسلم إذا تقرر ذلك، فحبه للنساء والطيب ليس من زهرة الدنيا والافتتان، بل هو من أعمال الآخرة المحصلة لمعالي الدرجات، وبيان ذلك أنه حبب إليه كثرة النساء، ليطلعهن على ما لديه من بواطن الشريعة وظواهرها، فينقلنه ويعلنه للناس، أو يكون التشريع بسببهن، وخصوصا مما يستحيي الرجال من ذكره والسؤال عنه، فإنهن كن يطلعن من أحواله صلى الله عليه وسلم، وأقواله على ما لا يطلع عليه غيرهن، فقد تعلمن عنه صلى الله عليه وسلم ما رأينه في منامه، وحال خلوته من الآيات البينات على نبوته، ومن جده واجتهاده، ولم يشاهدها غيرهن، فحصل من ذلك من الفوائد الأخروية ما لا يحصى، وأما حبه للطيب، فلأجل نزول الملك عليه، وملازمته له بالوحي، ولهذا كان يمتنع من تناول ما له رائحة كريهة، وقال: ان الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم، فظهر بذلك أن حبه للنساء، والطيب كان لمصلحة أخروية.