الباب الثالث فيما اختص به نبينا - صلى الله عليه وسلم - عن الأنبياء في ذاته في الآخرة - صلى الله عليه وسلم - وفيه مسائل:
الأولى: اختص صلى الله عليه وسم بأنه أول من تنشق عنه الأرض.
روى مسلم عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنا سيد ولد آدم وأول من تنشق عنه الأرض، وأول شافع وأول مشفع).
وروى الدارمي والترمذي وحسنه عن أنس - رضي الله تعالى عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (انا أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة فأنفض التراب عن رأسي، فآتي قائمة من قوائم العرش فأجد موسى قائما عندها فلا أدري أنفض التراب عن رأسه، أو كان ممن استثنى الله).
قوله: (أنفض التراب) قال الحافظ: يحتمل أن تجويز المعية في الخروج من القبر، أو هي كناية عن الخروج من القبر وساق لذلك مزيد بيان في المسألة التي بعدها.
الثانية: وبأنه أول من يفيق من الصعقة روى البخاري من طرق عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ينفخ في الصور فيصعق الناس، فأصعق معهم، ثم ينفخ فيه أخرى فأكون أول من بعث الله)، وفي لفظ: (من يفيق فإذا موسى باطش بجانب العرش، فلا أدري أكان فيمن صعق فأفاق قبلي، أو كان ممن استثني وحوسب بصعقة النار).
تنبيهان:
الأول: استشكل الجزم بكونه صلى الله عليه وسلم أول من تنشق عنه الأرض، وأول من يفيق مع التردد من خروج موسى قبله، وإقامته قبله.
وأجيب بأن النفخة الأولى يعقبها الصعق في جميع الخلائق أحيائهم وأمواتهم، وهو الفزع كما وقع في سورة النمل (ففزع من في السماوات ومن في الأرض) (النمل / 87) ثم يعقب ذلك الفزع للموتى زيادة لما هم فيه وللاحياء موتا ثم ينفخ الثانية للبعث فيفيقون أجمعين، فمن كان مقبورا انشقت عنه الأرض فخرج من قبره ومن ليس بمقبور لا يحتاج إلى ذلك. وسيأتي لهذا مزيد بيان في التنبيه الثاني.
الثاني: قال سلطان العلماء أبو محمد العز بن عبد السلام، ما وجه هذا التردد مع صحة خبر أنه صلى الله عليه وسلم مر بموسى ليلة أسري بي قائما يصلي في قبره عند الكثيب الأحمر، وأخبر أيضا