أتاني، فقال: انطلق، فسلك بي في منهج عظيم، فبينما أنا أمشي إذ عرض لي طريق عن شمالي فأردت أن أسلكها، فقال: انك لست من أهلها، ثم عرضت لي طريق عن يميني، فسلكتها حتى انتهيت إلى جبل زلق، فأخذ بيدي فزجل بي حتى أخذت بالعروة فقال لي:
استمسك بالعروة فقصصتها على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (رأيت خيرا، أما المنهج العظيم فالحشر، وأما الطريق التي عرضت عن شمالك فطريق أهل النار، وأما الطريق التي عرضت عن يمينك فطريق أهل الجنة، وأما الجبل الزلق فمنزل الشهداء، وأما العروة الوثقى التي استمسكت بها فالاسلام فاستمسك بها حتى تموت).
الباب الثالث فيما رآه ابن زميل الجهني رضي الله تعالى عنه روى الطبراني والبيهقي عن ابن زميل الجهني رضي الله عنه قال: رأيت رؤيا فقصصتها على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: رأيت جميع الناس على طريق رحب سهل لأحب، والناس على الجادة منطلقون، فبينما هم كذلك، إذ أشفى ذلك الطريق على مرج لم تر عيناي مثله، يرف رفيفا، ويقطر نداه فيه من أنواع الكلاء، فكأني بالرعلة الأولى، حين أشفوا على المرج كبروا ثم أكبوا رواحلهم في الطريق فلم يظلموه يمينا ولا شمالا، فكأني أنظر إليهم منطلقين ثم جاءت الرعلة الثانية وهم أكثر منهم أضعافا، فلما أشفوا على المرج كبروا ثم أكبوا رواحلهم في الطريق، فمنهم المرتع، ومنهم الاخذ الضغث، ومضوا على ذلك، ثم قدم عظم الناس، فلما قدموا على المرج كبروا، وقالوا: هذا خير المنزل، فكأني أنظر إليهم يميلون يمينا وشمالا، فلما رأيت ذلك لزمت الطريق حتى آتي أقصى المرج، فإذا أنا بك يا رسول الله على منبر فيه سبع درجات، وأنت في أعلاها درجة فإذا عن يمينك رجل آدم شثن أقنى، إذا هو تكلم يسمو فيفرع الرجال طولا، وإذا عن يسارك رجل سمار ربعة أحمر كثير خيلان الوجه، كأنما حمم شعره بالماء، إذا هو تكلم أصغيتم له اكراما له، وإذا أمامكم شيخ أشبه الناس بك خلقا ووجها كلهم يؤمونه يريدونه، وإذا أمام ذلك ناقة عجفاء شارف، وإذا أنت يا رسول الله كأنك تبعثها، فانتقع لون رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعة ثم سري عنه، فقال: (أما ما رأيت من الطريق السهل الرحب، فذلك ما حملتكم عليه من الهدى، فأنتم عليه، وأما المرج الذي رأيت فالدنيا وغضارة عيشها، مضيت وأنا وأصحابي لم نتعلق بها، ثم جاءت الرعلة الثانية بعد وهم أكثر منا، فمنهم المرتع، ومنهم الاخذ الضغث ونجوا على ذلك، ثم جاء عظم الناس فمالوا في المرج يمينا وشمالا، وأما أنت فمضيت على طريق صالحة، فلن تزال عليها حتى تلقاني، وأما المنبر الذي رأيت سبع