الباب الثاني في معجزاته صلى الله عليه وسلم في رؤية بعض الصحابة الجن وسماع كلامهم اكراما له صلى الله عليه وسلم روى النسائي والحارث بن أبي أسامة وأبو يعلى وابن حبان والروياني وأبو الشيخ في العظمة، والطبراني في الكبير، والحاكم وأبو نعيم معا في الدلائل، والضياء في المختارة عن أبي بن كعب رضي الله عنه أنه كان له جرين فيه تمر، وكان يتعاهده فيجده ينقص فحرسه ذات ليلة، فإذا هو بدابة شبه الغلام المحتلم فسلمت، فرد السلام، فقلت: ما أنت جني أم انسي؟ فقال: جني. فقلت: ناولني يدك، فناولني يده فإذا يده يد كلب، فقلت: هكذا خلق الجن؟ فقال: لقد علمت الجن ان ما فيهم من هو أشد مني، قلت: ما حملك على ما صنعت؟
قال: بلغنا انك رجل تحب الصدقة، فأحببنا أن نصيب من طعامك، قلت: فما الذي يجيرنا منك؟ قال: هذه الآية - آية الكرسي التي في سورة البقرة - من قالها حين يمسي أجير منا حتى يصبح، ومن قالها حين يصبح أجير منا حتى يمسي، فلما أصبح أبي غدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال: (صدق الخبيث).
وروى أبو الشيخ في العظمة عن أبي إسحاق، قال: خرج زيد بن ثابت ليلا إلى حائط له، فسمع فيه جلبة، فقال: ما هذا؟ قال: رجل من الجان أصابتنا السنة، فأردت أن أصيب من ثماركم فطيبوه لنا، قال: نعم، ثم قال زيد بن ثابت: ألا تخبرنا بالذي يعيذنا منكم؟ قال: آية الكرسي.
وروى أبو عبيد في فضائل القرآن والدارمي والطبراني والبيهقي وأبو نعيم عن ابن مسعود أن رجلا لقى شيطانا في سكة من سكك المدينة (فصارعه فصرعه) فقال: دعني أخبرك بشئ يعجبك فودعه، فقال: هل تقرأ سورة البقرة؟ قال: نعم، قال: فان الشيطان لا يسمع منها شيئا الا أدبر وله خبج كخبج الحمار فقيل لابن مسعود: من ذاك الرجل؟ قال: عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
تنبيه: في بيان غريب ما سبق:
جلبة: الصياح والصخب.
يعيذنا: يجيرنا.
ودعه (....).
خبج: بفتح الخاء المعجمة والموحدة وجيم: الضراط (ويروى بالحاء المهملة).