الباب الخامس فيما اختص به - صلى الله عليه وسلم - عن أمته من الواجبات والحكمة من اختصاصه بها زيادة الزلفى والدرجات فلن يتقرب المتقربون إلى الله تعالى بمثل أداء ما افترض علهم، كما في الصحيح عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه -.
قال العلماء: خص الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم عن خلقه بواجبات عليه، لعلمه بأنه أقوم بها منهم، وأصبر عليها منهم.
وقيل: لجعل أجره بها أعظم من أجرهم، وقربه بها أزيد من قربهم.
وأما ما أباحه له مما حرمه عليهم، فليظهر بذلك كرامته، ويبين اختصاصه ومنزلته.
وقيل: لعلمه بأن ما خصه به من الإباحة لا يلهيه عن طاعة، وان الهاهم، ولا يعجزه عن القيام بحقه وان أعجزهم، ليعلموا أنه على طاعة الله أقدر، وعلى حقه أقوم.
وفيه نوعان:
الأول: فيما يتعلق بالأحكام غير النكاح.
وفيه مسائل:
الأولى: اختص صلى الله عليه وسلم بوجوب الوضوء لكل صلاة، وان لم يحدث ثم نسخ.
روى أبو داود والبيهقي في سننيهما، وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما عن عبد الله بن حنظلة - رضي الله تعالى عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤمر بالوضوء لكل صلاة طاهرا كان أو غير طاهر، فلما شق عليه ذلك أمر بالسواك عند كل صلاة، ووضع عنه الوضوء الا من حدث. اسناده جيد وفيه اختلاف لا يضر.
الثانية: وبالسواك في الأصح للحديث السابق، وهل كان الواجب عليه في العمر مرة أو عند كل صلاة مفروضة، أو مطلقا أو في الأحوال التي يتأكد فيها استحبابه في حق الأمة، أو ما هو أعم من ذلك؟ وحكى بعضهم أنه كان واجبا عليه في الوقت المتأكد في حقنا، وقيل:
لكل صلاة.
قلت: ويشهد له حديث عبد الله بن حنظلة السابق في الأولى.
وقيل: عند تغير الفم.
وقيل: عند نزول الوحي، قاله النووي في (التنقيح شرح الوسيط).
الثالثة: وبوجوب صلاة الضحى على الصحيح وقال البلقيني: لم تكن الضحى واجبة