السادسة: وبإباحة الوصال في الصوم.
روى الشيخان عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تواصلوا)، قالوا: انك تواصل قال:
اني لست كأحد منكم، اني أطعم وأسقى، أو اني أبيت أطعم وأسقى) ورويا عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال في الصوم، فقال رجل من المسلمين: انك تواصل يا رسول الله قال: (وأيكم مثلي، اني أبيت يطعمني ربي ويسقيني).
والأحاديث في ذلك كثيرة، وقد اختلف في تأويل هذه الأحاديث على ثلاثة أقوال:
أحدها: انه على ظاهره وانه يؤتى بطعام وشراب من الجنة، وطعام الجنة لا يفطر.
الثاني: ان الله تعالى يخلق فيه من الشبع والري ما يغنيه من الطعام والشراب.
الثالث: ان الله تعالى يحفظ عليه قوته من غير طعام ولا شراب، كما يحفظها بالطعام والشراب، فعبر بالطعام والشراب عن فائدتهما، وعليه اقتصر ابن العربي وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام في أماليه: للعلماء فيه مذهبان: قال بعضهم: المراد الطعام والسقي الحقيقي، فكأنه يقول: أنا لا أواصل فان الله يطعمني من غير طعام الدنيا. وقيل: بل المراد ما يرد عليه من المعارف والمواهب، فإنها تقوت النفس كما يقويها الطعام، فأطلق عليه الاطعام والسقي من مجاز التشبيه. وعلى هذا الأكثر.
وقال العلامة الشيخ شمس الدين بن الصائغ في (الدرر الفريدة) هذا طعام الأرواح وشرابها، وما يفيض عليها من أنوار البهجة.
لها أحاديث من ذكراك يشغلها عن الشراب وتلهيها عن الزاد لها بوجهك نور يستضاء به ومن حديثك في أعقابها حادي ومن قال: يأكل ويشرب حقيقة غلط من وجوه.
أحدها: قوله في بعض الروايات (أظل).
الثاني: انهم لما قالوا: انك تواصل.. قال: (اني لست كأحدكم). ولو كان كما قيل لقال: وأنا لا أواصل.
الثالث: انه لو كان كذلك لم يصح الجواب بالفارق فكأنه صلى الله عليه وسلم مفطر فلا يصح النفي.
انتهى.
قال الإمام الشافعي - رحمه الله - وجمهور أصحابه - رضي الله تعالى عنهم أن الوصال في حق النبي صلى الله عليه وسلم من المباحات.
وقال امام الحرمين: هو قربه في حقه قال: وخصوصيته صلى الله عليه وسلم بإباحة الوصال على كل