(الأحزاب 56) أتم وأجمع من تشريف آدم عليه الصلاة والسلام بأمر الملائكة له بالسجود، لأنه لا يجوز أن يكون الله مع الملائكة في ذلك التشريف، فتشريف يصدر عنه وعن الملائكة والمؤمنين أبلغ من تشريف مختص به وبالملائكة، وهذا وقع وانقطع، وشرفه صلى الله عليه وسلم مستمر أبدا، رواه الواحدي في أسباب النزول عنه بسند صحيح، وأما تعليم الأسماء، فروى الديلمي في سند الفردوس عن أبي رافع رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مثلت لي أمتي في الماء والطين، وعلمت الأسماء كلها كما علم آدم الأسماء كلها)، قلت: وله شاهد عند الطبراني من حديث أبي حذيفة بن أسيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عرضت علي أمتي البارحة أدنى هذه الشجرة أولها إلى آخرها) فقال رجل يا رسول الله، عرض عليك من خلق، فكيف من لم يخلق؟ فقال: (صوروا إلي في الطين حتى اني لأعرف بالانسان منهم من أحدكم بصاحبه).
الباب الثالث في موازاته ما أوتيه وأوتي إدريس صلى الله عليه وسلم رفعه الله مكانا عليا وقد رفع الله نبينا صلى الله عليه وسلم إلى قاب قوسين، وقد تقدم في أبواب المعراج ما يغني عن اعادته.
الباب الرابع في موازاته صلى الله عليه وسلم ما أوتيه نوح عليه الصلاة والسلام قال أبو نعيم: آيته التي أوتي إجابة دعوته واغراق قومه بالطوفان وكم لنبينا صلى الله عليه وسلم من دعوة مستجابة، وزاد نبينا على نوح بأنه في مدة عشرين سنة آمن به ألوف كثيرة، ودخل الناس في دينه أفواجا، ونوح أقام في قومه ألف سنة الا خمسين عاما، فلم يؤمن به الا دون المائة نفس، وقال أبو محمد عبد الله بن حامد الفقيه رضي الله عنه فكان ذلك فضيلة أوتيها إذا أجيبت وشفي صدره باهلاك قومه، وأوتي النبي صلى الله عليه وسلم مثله، حين ناله من قريش ما ناله من التكذيب والاستخفاف، فأنزل الله ملك الجبال وأمره بطاعته فيما يأمره من اهلاك قومه فاختار الصبر على أذيتهم، والابتهال في الدعاء لهم وقد تقدم ذلك في عرض نفسه الكريمة على القبائل. قال الشيخ رحمه الله تعالى: ومما أوتيه نوح تسخير الحيوانات له في السفينة، وقد سخرت أنواع الحيوانات لنبينا صلى الله عليه وسلم نفي الحمى من المدينة إلى الجحفة، وأوتي نوح النجاة في السفينة، ولا شك أن حمل الماء للناس من غير سفينة أعظم من سلوك عليه في السفينة، وقد مشى كثير من الأولياء على متن الماء.