عرفة، فان الله تعالى يهبط إلى السماء الدنيا، فيباهي بكم الملائكة يقول: هؤلاء عبادي جاؤوني شعثا غبرا من كل فج عميق، يرجون رحمتي ومغفرتي، فلو كانت ذنوبكم عدد الرمل وكزبد البحر لغفرتها، أفيضوا مغفورا لكم، ولمن شفعتم له، وأما رميك الجمار فلك بكل حصاة رميتها تكفير كبيرة من الكبائر الموبقات الموجبات، وأما نحرك فمدخور لك عند ربك، واما حلاق رأسك فبكل شعرة حلقتها حسنة يمحى عنك بها خطيئة)، قال: يا رسول الله، فإن كانت الذنوب أقل من ذلك؟ قال: (يدخر لك في حسناتك، وأما طوافك بالبيت بعد ذلك، فإنك تطوف ولا ذنب لك، يأتي ملك حتى يده بين كتفيك، ثم يقول: اعمل لما تستقبل فقد غفر لك ما مضى) قال الثقفي: أخبرني رسول الله، قال: جئت تسألني عن الصلاة!) قال: (إذا غسلت وجهك انتثرت الذنوب من أشفار عينيك، وإذا غسلت يديك انتثرت الذنوب من أظفار يديك، وإذا مسحت برأسك انتثرت الذنوب عن رأسك، وإذا غسلت رجليك انتثرت الذنوب من أظفار قدميك)... الحديث.
وروى الطبراني في الكبير والبزار وابن حبان في صحيحه عن ابن عمر رضي الله عنهما (........).
الباب الخامس في أمره صلى الله عليه وسلم أبا سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه الاستعفاف لما أراد أن يسأله شيئا من الدنيا، وما وقع في ذلك من الآيات (وأخرج البيهقي عن أبي سعيد الخدري قال: أصابنا جوع ما أصابنا مثله قط فقالت لي أختي: اذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاسأله فجئت فإذا هو يخطب، فقال: (من يستعفف، يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله)، فقلت في نفسي: والله لكأنما أردت بهذا الا جرم لا أسأله شيئا فرجعت إلى أختي فأخبرتها، فقالت: أحسنت، فلما كان من الغد فاني والله لأتعب نفسي تحت الاجم، إذ وجدت من دارهم يهود فابتعنا به، وأكلنا منه وجاءت الدنيا، فما من أهل بيت من الأنصار أكثر أموالا منا.
وأخرجه ابن سعد بلفظ: فكان أول ما واجهني به. وبلفظ: فقلت ما قال هذا القول الا من أجلي وبلفظ: فأتاح الله لي رزقا ما كنت أحتسبه).