إلى ما قال، فأردت الاسلام، فإذا قومي يزبرونني زبرا شديدا، فلما كان يوم فتح مكة، قال لي:
(يا عثمان، ائت بالمفتاح) فأتيته به فأخذه مني ثم دفعه إلي، وقال: (خذها خالدة تالدة لا ينزعها منكم الا ظالم)، فلما وليت ناداني، فرجعت إليه، فقال: (ألم تكن الذي قلت لك؟) فذكرت قوله لي بمكة قبل الهجرة، لعلك سترى هذا المفتاح يوما بيدي، أضعه حيث شئت، فقلت: بل أشهد أنك رسول الله حقا.
الباب الثامن والعشرون في اخباره صلى الله عليه وسلم شيبة بن عثمان بأنه لم يسلم بعد روى البيهقي وابن عساكر عن شيبة بن عثمان رضي الله عنه قال: خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين، والله، ما خرجت اسلاما، ولكني خرجت اتقاء أن تظهر هوازن على قريش، فوالله، اني لواقف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قلت: يا رسول الله، اني لأرى خيلا بلقا قال:
(يا شيبة، انه لا يراها الا كافر)، قال: فضرب بيده في صدري فقال: (اللهم اهد شيبة)، ففعل ذلك ثلاثا، فما رفع النبي صلى الله عليه وسلم يده عن صدري الثالثة حتى ما أجد من خلق الله أحب إلي منه.
وروى ابن سعد وابن عساكر عنه قال: لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة عنوة قلت: أسير مع قريش إلى هوازن، بحنين فعسى ان اختلطوا أن أصيب غرة من محمد فأكون أنا الذي قمت بثأر قريش كلها، وأقول: لو لم يبق من العرب والعجم أحد الا اتبع محمدا ما اتبعه أبدا فكنت مرصدا لما خرجت له لا يزداد الامر في نفسي الا قوة فلما اختلط الناس اقتحم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بغلته فدنوت منه، ورفعت سيفي حتى كدت أسوره فرفع لي شواط من نار كالبرق كاد يمحشني فوضعت يدي على بصري خوفا عليه فالتفت إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: (ادن مني)، فدنوت فمسح صدري، وقال: (اللهم أعذه من الشيطان) فوالله لهو من حينئذ أحب إلي من سمعي وبصري ونفسي، وأذهب الله ما كان بي، فقال: (يا شيبة، الذي أراد الله بك خيرا مما أردت بنفسك؟) ثم حدثني بما أضمرت في نفسي! فقلت: بأبي أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، استغفر لي يا رسول الله، قال: (غفر الله لك).