قصة أخرى: روى أبو نعيم عن الزبير بن العوام رضي الله تعالى عنه قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح في مسجد المدينة فلما انصرف قال: أيكم يتبعني إلى وفد الجن الليلة؟) فخرجت معه حتى خنست عنا جبال المدينة كلها وأفضينا إلى أرض فإذا رجال طوال كأنهم الرماح مستثفرين ثيابهم من بين أرجلهم. فلما رأيتهم غشيتني رعدة شديد ة حتى ما تحملني رجلاي من الفرق، فلما دنونا منهم خط لي رسول الله صلى الله عليه وسلم بابهام رجله خطا، فقال: (اقعد في وسطه) فلما جلست ذهب عني كل شئ كنت أجده من ريبة، ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بيني وبينهم، فتلا قرآنا وبقوا حتى طلع الفجر ثم أقبل. فقال: (الحقني).
فمشيت معه فمضينا غير بعيد فقال لي: (التفت وانظر هل ترى حيث كان أولئك من أحد؟) فخفض رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الأرض عظما وروثة ثم رمي بهما وقال: (ا نهم سألوا الزاد فقلت لهم لكم كل عظم وروثة) (1) قصة أخرى: روى الإمام أحمد والترمذي ومسلم عن علقمة قال: قلت لابن مسعود رضي الله تعالى عنه: هل صحب النبي صلى الله عليه وسلم من أحد ليلة الجن؟ قلت: ما صحبه منا أحد ولكن فقدناه ذات ليلة فالتمسناه في الأودية وفي الشعاب فقلنا: اغتيل؟ استطير؟ ما فعل؟ فبتنا بشر ليلة بات بها قوم. فلما أصبحنا إذا هو جاء من قبل حراء. فقلنا: يا رسول ا لله، فقدناك فطلبناك فلم نجدك فبتنا بشر ليلة بات بها قوم، فقال: (انه أتاني داعي الجن فأتيتهم فقرأت عليهم القرآن. قال: فانطلق فأرانا آثارهم وآثار نيرانهم. وسألوه الزاد فقال: (لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه يقع في أيديكم أوفر ما كان لحما وكل بعرة أو روثة علف لدوابكم)، قال: (فلا تستنجوا بهما فإنهما زاد اخوانكم من الجن). وقال الشعبي رحمه الله تعالى: وكانوا من جن الجزيرة.
وفي رواية ابن جرير عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: سمعت رسول الله صلى ا لله عليه وسلم يقول: (بت الليلة أقرأ على الجن واقفا بالحجون) (2). وقوله إنه لم يكن مع النبي صلى الله عليه وسلم أصح مما رواه ابن جرير على الزهري قال: أخبرنا أبو عثمان بن سنة - بفتح المهملة وتشديد ا لنون - الخزاعي أنه سمع عبد الله بن مسعود يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا صحابه وهو بمكة: (من أحب منكم أن يحضر الليلة أثر الجن فليفعل). فلم يحضر معهم أحد غيري. قال: فان نطلقنا فإذا كنا بأعلى مكة خط لي برجله خطا ثم أمرني أن أجلس فيه، ثم انطلق حتى إذا قام فافتتح القرآن