تسألني عن دماء الجاهلية وعن حلف الجاهلية وعن المنيحة، ألا وان دم الجاهلية موضوع وحلفها مشدود. ولم يزدها الاسلام الا شدة، ولا حلف في الاسلام، ألا وان الفضل الصدقة أن تمنح أخاك ظهر دابة أو لبن شاة، فإنها تغدو برفد، وتروح بمثله. وأما أنت يا سلمة فإنك أضمرت على أن تسألني عن عبادة الأصنام، وعن يوم السباسب وعن عقل الهجين، فأما عبادة الأصنام فان الله تعالى يقول: (انكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون) الأنبياء 98) وأما يوم السباسب فقد أعقب الله تعالى منه ليلة بلجة سمحة لا ريح فيها تطلع الشمس في صبيحتها لا شعاع لها، وأما عقل الهجين فان المؤمنين اخوة تتكافأ دماؤهم يجير أقصاهم على أ دناهم أكرمهم عند الله أتقاهم).
فقالا: نشهد ألا اله الا الله وحده لا شريك له وأنك عبد الله ورسوله.
وعند ابن إسحاق عمن لا يتهم عن الحسن ان الجارود لما انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمه فعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم الاسلام، ورغبه فيه. فقال: يا محمد اني كنت على دين واني تارك ديني لدينك أفتضمن لي ديني؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نعم أنا ضامن أن قد هداك الله إلى ما هو خير منه). فأسلم وأسلم أصحابه. ثم سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحملان فقال: (والله ما عندي ما أحملكم عليه). فقال: يا رسول الله فان بيننا وبين بلادنا ضوال من ضوال الناس - وفي لفظ المسلمين - أفنتبلغ عليها إلى بلادنا؟ قال: (لا، إياك و إياها فإنما تلك حرق النار). انتهى.
فقال: (يا رسول الله ادع لنا أن يجمع الله قومنا). فقال: (اللهم أجمع لهم أ لفة قومهم وبارك لهم في برهم وبحرهم). فقال الجارود: يا رسول الله أي المال اتخذ ببلادي؟ قال: (وما بلادك؟) قال: مأواها وعاء ونبتها شفاء، وريحها صبا ونخلها غواد. قال: (عليك بالإبل فإنها حمولة والحمل يكون عددا. والناقة ذودا).
قال سلمة: يا رسول الله أي المال اتخذ ببلادي؟ قال: (وما بلادك؟) قال: مأوا ها سباح ونخلها صراح وتلاعها فياح. قال: (عليكم بالغنم فان ألبانها سجل وأصوافها أثاث وأولادها بركة ولك الأكيلة والربا). فانصرفا إلى قومهما مسلمين. وعند ابن إسحاق فخرج من عنده الجارود راجعا إلى قومه وكان حسن الاسلام صليبا على دينه حتى مات، وقد أدرك الرد ة فثبت على ايمانه، ولما رجع من قومه من كان أسلم منهم إلى دينه الأول مع الغرور بن المنذر بن النعمان بن المنذر قام الجارود فشهد شهادة الحق ودعا إلى الاسلام فقال: أيها الناس اني أشهد ألا اله الا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأكفر من لم يشهد. وقال الجارود: