لبن تلك الناقة، وسقى نقادة سؤره وقال: (اللهم بارك فيها من ناقة وفيمن منحها). قال نقادة:
قلت: وفيمن جاء بها يا رسول الله. قال: (وفيمن جاء بها) (1).
تنبيهات الأول: قوله - صلى الله عليه وسلم - في الخط: (علمه نبي من الأنبياء الخ) الخط بفتح الخاء المعجمة وبالطاء المهملة. قال في المطالع والتقريب: (فسروه بخط الرمل ومعرفة ما يدل عليه). وقال في النهاية: (قال ابن عباس: الخط) (هو الذي يخطه الحازي، وهو علم قد تركه الناس، يأتي صاحب الحاجة إلى الحازي فيعطيه حلوانا فيقول له: اقعد حتى أخط لك، وبين يدي الحازي غلام له معه ميل، ثم يأتي إلى أرض رخوة فيخط فيها خطوطا كثيرة بالعجلة لئلا يلحقها العدد، ثم يرجع فيمحو منها على مهل خطين خطين، وغلامه يقول للتفاؤل: (ابني عيا ن أسرعا البيان). فان بقي خطان فهما علامة النجح، وان بقي خط واحد فهو علامة الخيبة. وقال الحربي: (الخط هو أن يخط ثلاثة خطوط ثم يضرب عليهن بشعير أو نوى، ويقول: يكون كذا وكذا، وهو ضرب من الكهانة). قال ابن الأثير: الخط المشار إليه علم معروف، وللناس فيه تصانيف كثيرة وهو معمول به إلى الان ولهم فيه أوضاع واصطلاح وأسام وعمل كثير ويستخرجون به الضمير وغيره وكثيرا ما يصيبون فيه.
الثاني: ضرب الرمل حرام، صرح به غير واحد من الشافعية والحنابلة وغيرهم. وقال الامام النووي في شرح صحيح مسلم في كتاب الصلاة: باب تحريم الكلام في الصلاة:
(فحصل من مجموع كلام العلماء فيه الاتفاق على النهي عنه الان).
الثالث: قوله - صلى الله عليه وسلم -: (علمه نبي من الأنبياء) في حفظي انه سيدنا إدريس عليه السلام ولا أعلم من ذكره فيحرر.
الرابع: قوله: (فمن صادف مثل علمه فقد علم). وفي صحيح مسلم: (فمن وافق خطه فذاك) أي فهو مباح له ولكن لا طريق لنا إلى العلم اليقيني بالموافقة فلا يباح (والمقصود أنه حرام لأنه لا يباح) الا بيقين الموافقة وليس لنا يقين بها وانما قال النبي - صلى ا لله عليه وسلم -: (فمن وافق خطه فذاك). ولم يقل هو حرام بغير تعليق على الموافقة لئلا يتوهم متوهم ان هذا ا لنهي يدخل فيه ذلك النبي الذي كان يخط، فحافظ النبي - صلى الله عليه وسلم - على حرمة ذاك النبي مع بيان الحكم في حقنا، فالمعنى أن ذاك النبي لا منع في حقه، وكذا لو علمتم موافقته، ولكن لا علم لكم بها).