فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم سجد له، فأومأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده: لا لا مرتين. وأهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم هدية فيها كسوة، قال ابن الأثير: وبغلة وصالحه على الجزية. قال ابن الأثير:
وبلغت جزيتهم ثلاثمائة دينار وحقن دمه ودم أخيه وخلى سبيلهما. وكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابا فيه أمانهم وما صالحهم عليه، ولم يكن في يد النبي صلى الله عليه وسلم يومئذ خاتم فختم الكتاب بظفره. قال محمد بن عمر حدثني شيخ من أهل دومة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب له هذا الكتاب:
(بسم الله الرحمن الرحيم): هذا كتاب من محمد رسول الله لاكيدر حين أجاب إلى الاسلام، وخلع الأنداد والأصنام مع خالد بن الوليد سيف الله في دومة الجندل وأكنافها: أن لنا الضاحية من الضحل والبور والمعامي وأغفال الأرض والحلقة (والسلاح) والحافر والحصن ولكم الضامنة من النخل والمعين من المعمور بعد الخمس ولا تعدل سارحتكم ولا تعد فأردتكم ولا يحظر عليكم النبات تقيمون الصلاة لوقتها وتؤتون الزكاة بحقها، عليكم بذلك عهد الله والميثاق، ولكم بذلك الصدق والوفاء، شهد الله تبارك وتعالى ومن حضر من المسلمين) (1).
وقال بجير بن بجرة الطائي يذكر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لخالد بن الوليد: (انك ستجده يصيد البقر). وما صنعت البقر تلك الليلة بباب الحصن تصديقا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
تبارك سائق البقرات اني رأيت الله يهدي كل هاد فمن يك حائدا عن ذي تبوك فانا قد أمرنا بالجهاد قال البيهقي بعد ان أورد هذين البيتين من طريق ابن إسحاق وزاد غيره وليس في روايتنا: فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يفضض الله فاك) (2). فأتى عليه تسعون سنة فما تحرك له ضرس. وروى ابن منده وابن السكن وأبو نعيم، كلهم عن الصحابة، عن بجير بن بجرة قال:
كنت في جيش خالد بن الوليد حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أكيدر دومة فقال له: (انك تجده يصيد البقر). فوافقناه في ليلة مقمرة وقد خرج كما نعته رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذناه فلما أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنشدته أبياتا، فذكر ما سبق. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يفضض الله فاك). فأتت عليه تسعون سنة وما تحرك له سن.