فساعة فصل أخذته الخيل، فاستأسر أكيدر وامتنع حسان وقاتل حتى قتل وهرب المملوكان ومن كان معه من أهل بيته، فدخلوا الحصن، وكان على حسان قباء من ديباج مخوص بالذهب، فاستلبه خالد. وقال خالد لاكيدر: هل لك ان أجيرك من القتل حتى آتي بك رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن تفتح لي دومة؟ فقال أكيدر: نعم. فانطلق به خالد حتى أدناه من الحصن.
فنادى أكيدر أهله ان افتحوا باب الحصن، فأرادوا ذلك، فأبى عليهم مضاد أخو أكيدر، فقال أكيدر لخالد: تعلم والله أنهم لا يفتحون لي ما رأوني في وثاقك فخل عني فلك الله والأمانة ان أفتح لك الحصن ان أنت صالحتني على أهلي. قال خالد: فاني أصالحك فقال أكيدر: ان شئت حكمتك وان شئت حكمتني. فقال خالد: بل نقبل منك ما أعطيت. فصالحه على ألفي بعير وثمانمائة رأس وأربعمائة درع وأربعمائة رمح، على أن ينطلق به وبأخيه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيحكم فيهما حكمه. فلما قاضاه خالد على ذلك خلى سبيله، ففتح باب الحصن، فدخله خالد وأوثق مضادا أخا أكيدر، وأخذ ما صالح عليه من الإبل والرقيق والسلاح. ولما ظفر خالد بأكيدر وأخيه حسان أرسل خالد عمرو بن أمية الضمري بشيرا وأرسل معه قباء حسان. قال أنس وجابر: رأينا قباء حسان أخي أكيدر حين قدم به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل المسلمون يلمسونه بأيديهم ويتعجبون منه.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أتعجبون من هذا؟ فوالذي نفسي بيده لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن من هذا) (1). ثم إن خالدا لما قبض ما صالحه عليه أكيدر عزل النبي صلى الله عليه وسلم صفيه له قبل أن يقسم شيئا من الفيئ، ثم خمس الغنائم بعد. قال محمد بن عمر: كان صفي رسول الله صلى الله عليه وسلم عبدا أو أمة أو سيفا أو درعا أو نحو ذلك.
ثم خمس خالد الغنائم بعد، فقسمها بين أصحابه. قال أبو سعيد الخدري: أصابني من السلاح درع وبيضة وأصابني عشر من الإبل. وقال واثلة بن الأسقع: أصابني ست فرائض، وقال عبد الله بن عمرو بن عوف المازني: كنا مع خالد بن الوليد أربعين رجلا من بني مزينة وكانت سهماننا خمس فرائض لكل رجل مع سلاح يقسم علينا دروع ورماح. قال محمد بن عمر: انما أصاب الواحد ستا والاخر عشرا بقيمة الإبل. ثم إن خالدا توجه قافلا إلى المدينة ومعه أكيدر ومضاد. وروى محمد بن عمر عن جابر رضي الله تعالى عنه قال: رأيت أكيدر حين قدم به خالد وعليه صليب من ذهب وعليه الديباج ظاهرا.