ولان شربه يجر إلى مفاسد كثيرة لانهم كانوا في الجاهلية يعتقدون ان في الخمر شفاء فجاء الشرع بخلاف معتقدهم. قاله الطحاوي بمعناه.
قال الشيخ تقي الدين السبكي: كان في الخمر منفعة في التداوي بها فلما حرمت نزع الله الدواء منها، وأما أبوال الإبل فقد روى ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ان ر سول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ان في أبوال الإبل شفاء للذربة بطونهم). والذرب بذال معجمة فساء المعدة. فلا يقاس ما ثبت ان فيه دواء على ما ثبت نفي الدواء عنه، وبهذا الطريق يحصل الجمع بين ا لأدلة والعمل بمقتضاها.
السادس: لم تختلف روايات البخاري في أن المقتول راعي رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذكره في الافراد، وكذا مسلم لكن عنده من رواية عبد العزيز بن صهيب عن أنس: (ثم مالوا على الرعاء فقتلوهم) بصيغة الجمع، ونحوه لابن حبان من رواية يحيى بن سعيد بن أنس. فيحتمل أن ابل الصدقة كان لها رعاة فقتل بعضهم مع راعي اللقاح، فاقتصر بعض الرواة على راعي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر بعضهم معه غيره. ويحتمل ان يكون بعض الروا ة ذكره بالمعنى فتجوز في الاتيان بصيغة الجمع. قال الحافظ: وهو الراجح لان أصحاب المغازي لم يؤكد أحد منهم انهم قتلوا غير يسار والله تعالى أعلم.
السابع: في صحيح مسلم فيمن أرسلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في طلب العرنيين انهم من الأنصار، فأطلق الأنصار تغليبا، وقيل للجميع أنصار بالمعنى الأعم.
الثامن: استشكل القاضي عدم سقيهم بالماء بالاجماع على أن من وجب عليه القتل فاستسقى لا يمنع. وأجاب بان ذلك لم يقع عن أمر النبي صلى الله عليه وسلم، ولا وقع منه نهي عن سقيهم.
قال الحافظ: وهو ضعيف جدا لان النبي صلى الله عليه وسلم اطلع على ذلك وسكوته كان في ثبوت الحكم. وأجاب النووي بان المحارب المرتد لا حرمة له في سقي الماء ولا غيره، ويدل عليه ان من ليس معه الا ماء طهارته ليس له أن يسقيه للمرتد ويتيمم بل يستعمله ولو مات مطلقا، وقيل إن الحكمة في تعطيشهم لكونهم كفروا نعمة سقي ألبان الإبل التي حصل لهم بها الشفاء من الجوع والوخم، ولان النبي صلى الله عليه وسلم دعا بالعطش على من عطش آل بيته، في قصة رواها النسائي، فيحتمل انهم تلك الليلة منعوا ارسال ما جرت به العادة من اللبن الذي كان يراح به إلى النبي صلى الله عليه وسلم كل ليلة كما ذكر ابن سعد.
التاسع: في رواية: (سمر أعينهم)، بتشديد الميم. وفي رواية بالتخفيف. ولم تختلف روايات البخاري في أنها بالراء ووقع عند مسلم: (فسمل) باللام. قال الخطابي: (السمل) هو فقء العين بأي شئ كان. والسمر لغة في السمل ومخرجهما متقارب وقد يكون من المسمار