خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا، وإن قوما ممن كان قبلكم يتخذون قبور أنبيائهم وصلحائهم مساجد، فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك.
وقد رواه مسلم في صحيحه عن إسحاق بن راهويه بنحوه.
وهذا اليوم الذي كان قبل وفاته عليه السلام بخمسة أيام هو يوم الخميس الذي ذكره ابن عباس فيما تقدم.
وقد روينا هذه الخطبة من طريق ابن عباس. قال الحافظ البيهقي: أنبأنا أبو الحسن على بن محمد المقرئ، أنبأنا الحسن بن محمد بن إسحاق، حدثنا يوسف بن يعقوب - هو ابن عوانة الأسفراييني - قال: حدثنا محمد بن أبي بكر، حدثنا وهب بن جرير، حدثنا أبي ، سمعت يعلى بن حكيم يحدث عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه عاصبا رأسه بخرقة، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إنه ليس من الناس أحد أمن على بنفسه وماله من أبى بكر، ولو كنت متخذا من الناس خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا، ولكن خلة الاسلام أفضل، سدوا عنى كل خوخة في المسجد غير خوخة أبى بكر.
رواه البخاري عن عبيد الله بن محمد الجعفي، عن وهب بن جرير بن حازم، عن أبيه به.
وفى قوله عليه السلام: " سدوا عنى كل خوخة - يعنى الأبواب الصغار - إلى المسجد غير خوخة أبى بكر " إشارة إلى الخلافة، أي ليخرج منها إلى الصلاة بالمسلمين.
وقد رواه البخاري أيضا من حديث عبد الرحمن بن سليمان بن حنظلة بن الغسيل، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن رسول الله خرج في مرضه الذي مات فيه عاصبا رأسه بعصابة دسماء (1) ملتحفا بملحفة على منكبيه، فجلس على المنبر فذكر الخطبة، وذكر فيها الوصاة بالأنصار إلى أن قال: فكان آخر مجلس جلس فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قبض - يعنى آخر خطبة خطبها عليه السلام.