ثم أقبل على فقال: يا أبا مويهبة إني قد أوتيت مفاتيح خزائن الدنيا والخلد فيها ثم الجنة، فخيرت بين ذلك وبين لقاء ربى والجنة.
قال: قلت: بأبي أنت وأمي! فخذ مفاتيح خزائن الدنيا والخلد فيها ثم الجنة.
قال: لا والله يا أبا مويهبة لقد اخترت لقاء ربى والجنة.
ثم استغفر لأهل البقيع، ثم انصرف فبدئ برسول الله وجعه الذي قبضه الله فيه.
لم يخرجه أحد من أصحاب الكتب. وإنما رواه أحمد عن يعقوب بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن إسحاق به.
وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو النضر، حدثنا الحكم بن فضيل، حدثنا يعلى بن عطاء، عن عبيد بن جبير، عن أبي مويهبة، قال: أمر رسول الله أن يصلى على أهل البقيع، فصلى عليهم ثلاث مرات، فلما كانت الثالثة قال: يا أبا مويهبة أسرج لي دابتي.
قال: فركب ومشيت حتى انتهى إليهم، فنزل عن دابته وأمسكت الدابة فوقف.
أو قال - قام عليهم - فقال: ليهنكم ما أنتم فيه مما فيه الناس، أتت الفتن كقطع الليل المظلم يتبع بعضها بعضا، الآخرة أشد من الأولى، فليهنكم ما أنتم فيه مما فيه الناس.
ثم رجع فقال: يا أبا مويهبة إني أعطيت، أو قال: خيرت، بين مفاتيح ما يفتح على أمتي من بعدي والجنة أو لقاء ربى.
قال فقلت: بأبي أنت وأمي فاخترنا. قال: لان ترد على عقبها ما شاء الله (1)، فاخترت لقاء ربى.
فما لبث بعد ذلك إلا سبعا أو ثمانيا حتى قبض.
وقال عبد الرزاق عن معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه، قال: قال رسول الله نصرت بالرعب وأعطيت الخزائن، وخيرت بين أن أبقى حتى أرى ما يفتح على أمتي وبين التعجيل، فاخترت التعجيل.