أرض حسمى. وكان سببها فيما ذكره ابن إسحاق وغيره: أن دحية بن خليفة لما رجع من عند قيصر وقد أبلغه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوه إلى الله فأعطاه من عنده تحفا وهدايا، فلما بلغ واديا في أرض بني جذام يقال له شنار أغار عليه الهنيد بن عوص وابنه عوص بن الهنيد الضليعيان، والضليع بطن من جذام، فأخذا ما معه فنفر حي منهم قد أسلموا فاستنقذوا ما كان أخذ لدحية فردوه عليه.
فلا رجع دحية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبره الخبر واستسقاه دم الهنيد وابنه عوص، فبعث حينئذ زيد بن حارثة في جيش إليهم فساروا إليهم من ناحية الأولاج فأغار بالماقص من ناحية الحرة، فجمعوا ما وجدوا من مال وناس وقتلوا الهنيد وابنه ورجلين من بني الأحنف ورجلا من بني خصيب.
فلما احتاز زيد أموالهم وذراريهم اجتمع نفر منهم برفاعة بن زيد، وكان قد جاءه كتاب من رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوهم إلى الله، فقرأه عليهم رفاعة فاستجاب له طائفة منهم، ولم يكن زيد بن حارثة يعلم ذلك فركبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة في ثلاثة أيام، فأعطوه الكتاب فأمر بقراءته جهرة على الناس، ثم قال:
رسول الله: كيف أصنع بالقتلى؟ ثلاث مرات. فقال رجل منهم يقال له أبو زيد بن عمرو: أطلق لنا يا رسول الله من كان حيا ومن قتل فهو تحت قدمي هذه.
فبعث معهم رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب، فقال على: إن زيدا لا يطيعني. فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم سيفه علامة، فسار معهم على جمل لهم فلقوا زيدا وجيشه ومعهم الأموال والذراري بفيفاء الفحلتين، فسلمهم على جميع ما كان أخذلهم لم يفقدوا منه شيئا بعث زيد بن حارثة أيضا إلى بني فزارة بوادي القرى. فقتل طائفة من أصحابه وارتث (1) هو من بين القتلى، فلما رجع آلى ألا يمس رأسه غسل من جنابة حتى يغزوهم أيضا،