قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ضعفة أهله من المزدلفة بليل، فجعل يوصيهم أن لا يرموا جمرة العقبة حتى تطلع الشمس.
وقال أبو داود: حدثنا عثمان ابن أبي شيبة، حدثنا الوليد بن عقبة، حدثنا حمزة الزيات بن حبيب، عن عطاء، عن ابن عباس، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقدم ضعفة أهله بغلس (1) ويأمرهم - يعنى أن لا يرموا الجمرة حتى تطلع الشمس -.
وكذا رواه النسائي عن محمود بن غيلان، عن بشر بن السرى، عن سفيان، عن حبيب. قال الطبراني: وهو ابن أبي ثابت. عن عطاء، عن ابن عباس. فخرج حمزة الزيات من عهدته وجاد إسناد الحديث. والله أعلم.
* * * وقد قال البخاري: حدثنا مسدد، عن يحيى، عن ابن جريج، حدثني عبد الله مولى أسماء، عن أسماء، أنها نزلت ليلة جمع عند المزدلفة، فقامت تصلى فصلت ساعة ثم قالت:
يا بني هل غاب القمر؟ قلت: لا. فصلت ساعة ثم قالت: هل غاب القمر؟ قلت: نعم.
قالت: فارتحلوا. فارتحلنا فمضينا حتى رمت الجمرة، ثم رجعت فصلت الصبح في منزلها، فقلت لها: يا هنتاه ما أرانا إلا قد غلسنا. فقالت: يا بني إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن للظعن.
ورواه مسلم من حديث ابن جريج به.
فإن كانت أسماء بنت الصديق رمت الجمار قبل طلوع الشمس، كما ذكر هاهنا، عن توقيف فروايتها مقدمة على رواية ابن عباس، لان إسناد حديثها أصح من إسناد حديثه، اللهم إلا أن يقال: إن الغلمان أخف حالا من النساء وأنشط، فلهذا أمر الغلمان بأن لا يرموا قبل طلوع الشمس وأذن للظعن في الرمي قبل طلوع الشمس، لأنهم أثقل حالا وأبلغ في التستر. والله أعلم.