ففيه دلالة على من ذهب إلى أن السعي بين الصفا والمروة أربعة عشر، كل ذهاب وإياب يحسب مرة. قاله جماعة من أكابر الشافعية.
وهذا الحديث رد عليهم، لان آخر الطواف عن قولهم يكون عند الصفا لا عند المروة.
ولهذا قال أحمد في روايته في حديث جابر: فلما كان السابع عند المروة قال: " أيها الناس إني لو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدى وجعلتها عمرة، فمن لم يكن معه هدى فليحل وليجعلها عمرة " فحل الناس كلهم.
وقال مسلم: فحل الناس كلهم وقصروا إلا النبي صلى الله عليه وسلم ومن كان معه هدى.
فصل روى أمره عليه السلام لمن لم يسق الهدى بفسخ الحج إلى العمرة خلق من الصحابة يطول ذكرنا لهم هاهنا، وموضع سرد ذلك كتاب الأحكام الكبير.
إن شاء الله.
وقد اختلف العلماء في ذلك فقال مالك وأبو حنيفة والشافعي: كان ذلك من خصائص الصحابة، ثم نسخ جواز الفسخ لغيرهم. وتمسكوا بقول أبي ذر رضي الله عنه:
لم يكن فسخ الحج إلى العمرة إلا لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم.
رواه مسلم.
وأما الإمام أحمد فرد ذلك، وقال: قد رواه أحد عشر صحابيا، فأين تقع هذه الرواية من ذلك؟ وذهب رحمه الله إلى جواز الفسخ لغير الصحابة.