فقد تفرد به مسلم، وليس فيه دلالة على أنه عليه السلام سعى بين الصفا والمروة راكبا، إذ لم يقيد ذلك بحجة الوداع ولا غيرها. وبتقدير أن يكون ذلك في حجة الوداع فمن الجائز أنه عليه السلام بعد فراغه من السعي وجلوسه على المروة وخطبته الناس وأمره إياهم من لم يسق الهدى منهم أن يفسخ الحج إلى العمرة، فحل الناس كلهم إلا من ساق الهدى، كما تقدم في حديث جابر. ثم بعد هذا كله أتى بناقته فركبها وسار إلى منزله بالأبطح، كما سنذكره قريبا، وحينئذ رآه أبو الطفيل عامر بن واثلة البكري، وهو معدود في صغار الصحابة.
قلت: قد ذهب طائفة من العراقيين كأبي حنيفة وأصحابه والثوري إلى أن القارن يطوف طوافين ويسعى سعيين، وهو مروى عن علي وابن مسعود ومجاهد والشعبي.
ولهم أن يحتجوا بحديث جابر الطويل، ودلالته على أنه سعى بين الصفا والمروة ماشيا، وحديثه هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم سعى بينهما راكبا على تعداد الطواف بينهما مرة ماشيا ومرة راكبا.
وقد روى سعيد بن منصور في سننه عن علي رضي الله عنه، أنه أهل بحجة وعمرة، فلما قدم مكة طاف بالبيت وبالصفا والمروة لعمرته، ثم عاد فطاف بالبيت وبالصفا والمروة لحجته، ثم أقام حراما إلى يوم النحر.
هذا لفظه. ورواه أبو ذر الهروي في مناسكه عن علي، أنه جمع بين الحج والعمرة فطاف لهما طوافين وسعى لهما سعيين وقال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل.
وكذلك رواه البيهقي والدارقطني والنسائي في خصائص على. فقال البيهقي في سننه:
أنبأنا أبو بكر بن الحارث الفقيه، أنبأنا على بن عمير الحافظ، أنبأنا أبو محمد بن صاعد، حدثنا محمد بن زنبور، حدثنا فضيل بن عياض، عن منصور، عن إبراهيم، عن مالك