إذا صليت الظهر غدا فعد إلي، فعدت إليه في الوقت المعين فلم أجد عنده حاجبا يحبسني دونه، فوجدته جالسا وعنده قدح وكوز ماء، فدعا بوعاء مشدود مختوم، فقلت في نفسي: قد أمنني حتى يخرج إلي جوهرا فكسر الختم وحله، فإذا فيه سويق فأخرج منه فصبه في القدح وصب عليه ماءا فشرب وسقاني، فلم أصبر فقلت له: يا أمير المؤمنين أتصنع هذا في العراق وطعامه كما ترى في كثرته؟ فقال: أما والله ما أختم عليه بخلا به، ولكني أبتاع قدر ما يكفيني، فأخاف أن ينقص فيوضع فيه من غيره، وأنا أكره أن أدخل بطني إلا طيبا فلذلك احترز عليه كما ترى، فإياك وتناول ما لا تعلم حله.
ومن ذلك: ما حكاه عنه مجاهد قال: قال لي علي: جعت يوما بالمدينة جوعا شديدا، فخرجت أطلب العمل في عوالي المدينة فإذا أنا بامرأة قد جمعت مدرا فظننتها تريد بله فأتيتها فقاطعتها عليه كل ذنوب على تمرة، فمددت ستة عشر ذنوبا حتى مجلت يداي ثم أتيت الماء فأصبت منه ثم أتيتها فقلت: بكفي هكذا بين يديها وبسط الراوي كفيه وجمعها فعدت لي ستة عشرة تمرة، فأتيت النبي صلى الله عليه وآله فأخبرته فأكل معي منها.
(الذنوب الدلو الملئ ماءا، ومجلت يده تمجل مجلا: إذا تنفطت من العمل ومجلت بالكسر مجلا وأمجل العمل يده.) ومن ذلك: انه أتى بزقاق فيها عسل من اليمن، ونزل بالحسن عليه السلام ضيف فاشترى خبزا وطلب من قنبر أدما ففتح زقا وأعطاه منه رطلا، فلما قعد عليه السلام ليقسمها قال: يا قنبر قد حدث في هذا الزق حدث؟ قال: صدقت يا أمير المؤمنين وأخبره فغضب وقال: علي به فلما حضرهم بضربه فأقسم عليه بعمه جعفر وكان عليه السلام إذا أقسم به عليه سكن فقال: ما حملك على أن أخذت قبل القسمة؟ قال: إن لنا فيه حقا فإذا أعطيتنا رددناه، قال: لا يجوز أن