فقال: حضر الجهاد ولا يمكن التخلف عنه فسار معهم وقاتل حتى قتل.
وروى أن عبد الله بن عمرو بن العاص كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله مجتهدا في العبادة وتزوج امرأة واشتغل عنها بالصيام والقيام، فسألها أبوه عن حاله معها، فقالت: نعم الرجل عبد الله ولكنه قد ترك الدنيا، فذكر عمرو ذلك لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فدعا به وقال: يا عبد الله أتصوم النهار؟ قال نعم قال: أتقوم الليل؟ قال نعم فقال صلى الله عليه وآله: لكني أصوم وأفطر، وأقوم وأنام، وأمس النساء، يا عبد الله ان لربك عليك حقا ولعينك عليك حقا، ولعرسك عليك حقا ولزورك عليك حقا فأت كل ذي حق حقه فلما كان حرب صفين حضرها مع أبيه فأمره بالقتال فامتنع، وقال:
كيف أقاتل وقد كان من عهد رسول الله ما قد علمت؟ فقال: نشدتك الله اما كان آخر عهد رسول الله صلى الله عليه وآله إليك أن قال لك: اطع عمرو بن العاص؟
فقال: بلى، قال: فإني قد أمرتك أن تقاتل فقاتل عبد الله وروى أنه قاتل بسيفين، وقال يصف حالهم في تلك الحرب مع أهل العراق هذا:
ولو شهدت جمل مقامي ومشهدي بصفين يوما شاب منه الذوائب عشية جاء أهل العراق كأنهم سحاب ربيع رفعته الجنائب وجئناهم نردى كأن خيولنا من البحر موج مده متراكب فدارت رحانا واستدارت رحاهم سراة النهار ما تولى المناكب إذا قلت قد ولوا سراعا بدت لنا كتائب منهم وارجحنت كتائب فقالوا لنا انا نرى أن تبايعوا عليا فقلنا بل نرى ان نضارب (يقال تردى الفرس بالفتح يردى رديا ورديانا إذا رجم الأرض رجما بين العدو والمشي الشديد، وسراة النهار: وسطه، وارجحن: مال واهتز).
قلت: وإنما أوردت حديث عبد الله بن عمرو لأوضح لك غلط هؤلاء