أمير المؤمنين إلا أن يكون رسول الله (ص) أولا لأنه قال: انه وارثه، وفسر ما يرثه منه، فقال: كتاب الله وسنة الرسول، وذكر ان ذلك هو وراثة الأنبياء قبله، وهذا هو غاية التنويه بذكره في استحقاق الامر بعده، لان الميراث هو حق جعله الله تعالى لمسستحقه ليس بجعل المتوفى، فإذا كان ميراث الأنبياء هو الكتاب والسنة وهما مستحقان من قبل الله تعالى، وبهما صحت النبوة، والإمامة فرع عليها فوارثهما قائم مقام الأنبياء، وجار على طرايقهم، وحينئذ يجب على الأمة اتباعه والانقياد إلى طاعته، فيكونوا عند ذلك لربهم طائعين ولنبيهم تابعين، لان من كان وارثا لما به صحت النبوة كان أعلم به، ووجب اتباعه، وقد ثبتت الإمامة لعلى عليه السلام بما ثبتت به النبوة للنبي صلى الله عليه وآله، فتارك الاقتداء بإمامته عليه السلام كتارك الاقتداء بنبوته صلى الله عليه وآله.
قال علي بن عيسى رحمه الله: هذا ما لخصته من كتاب ابن البطريق من فصل ذكر المواخاة إلى هنا، فان ذكرت شيئا من كتابه بعد هذا نبهت عليه.
(ذكر مخاطبته بأمير المؤمنين في عهد النبي) صلى الله عليه وآله الطاهرين يقول علي بن عيسى مستمدا من الله حسن التوفيق، ومستهديا برحمته إلى سواء الطريق: إن الشيعة مجمعون على أن النبي صلى الله عليه وآله خاطبه بإمرة المؤمنين مرارا منها: ما صدر عن وحى وأمر من الله له بذلك ومنها ما قاله له من تلقاء نفسه، وحكم ذلك أيضا حكم الوحي، لأنه صلى الله عليه وآله لا ينطق عن الهوى،