بعدد من سلم من الخوارج، وهي من جملة كرامات علي عليه السلام: فإنه قال: نقتلهم ولا يقتل منا عشرة، ولا يسلم منهم عشرة، فلما قتلوا قال علي عليه السلام: التمسوا المخدج فالتمسوه فلم يجدوه، فقام علي عليه السلام بنفسه حتى أتى ناسا قد قتل بعضهم على بعض فقال: أخروهم فوجدوه مما يلي الأرض فكبر علي عليه السلام وقال:
صدق الله وبلغ رسوله قال أبو الرضى، فكأني أنظر إليه حبشي عليه قريطق إحدى يديه مثل ثدي المرأة، عليها شعرات مثل شعرات ذنب اليربوع.
وهذا أبو الرضى هو عباد بن نسيب القيسي تابعي يروى عنه هذا القول أبو داود في سننه كما قال.
فهذا تلخيص مواقفه عليه السلام في منازلة الطوائف المتبعة تضليل أهوائها، ومقاتلة الناكثين والقاسطين والمارقين في مقاتلها بأعبائها، وذكر كيفية قذفه بحقه لازهاق باطلها وكف غلوائها وارهاق عصيها صعود بوار قاض عليه بشقائها، وقد تضمن هذا الفصل من وقائعه المذكورة ومواقفه المأثورة ما فيه غنية كافية وكفاية مغنية، في أنه قد ملك عصم الشجاعة، وأنه من أكفاء أكفائها، ومن تأمل إقدامه عليه السلام في مأزق وقايعه ومضايق مواقفه، ومعارك كره على الابطال وهجومه على الاقران، وافتراس نفوس أخصامه ببأسه قاطا بحسامه رقاب الهمام مفلقا بشباه مفارق الرؤوس قادا بحده أوساط المارقين وشاهد غلظته على أعداء الله تعالى واستيصال شأفتهم، وتفصيل أوصالهم، وتفريق جموعهم وتمزيق كل ممزق غير ثان عنان عزمه وأعمال بطشه عن الاقدام على الصفوف المرصوصة والكتائب المرصوفة والكراديس المصفوفة مبددا شمل اجتماعها مشمرا عن ساق شجاعته لها، موغلا في غمرات القتال، مولغا صارمه في دماء الطلى والأحشاء، تحقق واستيقن ان هجيراه عليه السلام مكابدة الحروب وإدارة رحاها، وان إليه في جميع الأحوال مردها ومنتهاها، وأنه