ومنع الناس منه، فنزل كما وصفنا وكان يوما قائظا شديد الحر وساق ما قدمنا ذكره من قوله: انى تارك فيكم الثقلين إلى آخره ونعى إليهم نفسه، وقال:
قد حان منى خفوق من بين أظهركم ونادى بأعلى صوته: ألست أولى بكم من أنفسكم؟ فقالوا: اللهم بلى، فقال على النسق، وقد أخذ بضبعي علي عليه السلام فرفعهما حتى رؤى بياض إبطيهما: من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وانصر من نصره واخذل من خذله، ثم نزل وصلى الظهر وأمر عليا أن يجلس في خيمة بإزائه، وأمر المسلمين أن يدخلوا عليه فوجا فوجا فيهنوه بالمقام، ويسلموا عليه بإمرة المؤمنين، ففعلوا ذلك وأمر أزواجه ونساء المسلمين به ففعلته، وأظهر عمر بذلك سرورا كاملا وقال فيما قال: بخ بخ لك يا علي أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة، واستأذن حسان رحمه الله في الانشاد فأذن له فأنشد:
يناديهم يوم الغدير نبيهم بخم وأسمع بالرسول مناديا وقد تقدم ذكرى لهذه القصة والأبيات آنفا بألفاظ قريبة من هذه أو مثلها فهذه مقاماته وحروبه ومشاهده في عهد رسول الله (ص) على سبيل الاختصار والاجمال.
(حروبه أيام خلافته عليه السلام) فأما حروبه في زمن خلافته عليه السلام ومواقفه التي تزلزلت لبأسها ثوابت الاقدام، ومقاماته التي دفعته إليها الاقدار في مقاتلة بغاة الاسلام، وحروبه التي أنذره بها رسول الله فعرفت من قتله إياهم مشكلات الاحكام، واشتبه الحق فيها على قوم فقعدوا عن نصرته، فندموا في الدنيا على التخلف عن الامام، وان سلموا في الأخرى من العذاب فلن يسلموا من التعنيف والملام