واما انحصارهم في هذا العدد المخصوص فقد قال العلماء فمنهم من طول فأفرط افراط المليم، ومنهم من قلل فقصر فزال عن السنن القويم، وكل واحد من ذوي الافراط والتفريط، قد اعتلق بطرف ذميم والهداية إلى الطريقة الوسطى حسنة ولا يلقيها إلا ذو حظ عظيم، وها أنا ذاكر في ذلك ما أظنه أحسن نتائج الفطن، وأعده من محاسن الأفكار الجارية، لاستخراج جواهر الخواطر في سنن السنن والاقدار، وان كانت فاطمة كثيرة من الفطن عن إدراك الحكم في السر والعلن، فإنها والدة لقرائح أهل التوفيق والتأييد، ومن نتاجها كل حسين وحسن وتلخيص ذلك من وجوه.
الوجه الأول: ذكر فيه شيئا مما يتعلق بالحروف والعدد، فقال:
ان الايمان والاسلام مبنى على كلمتي لا إله إلا الله محمد رسول الله وكل واحد من هذين الأصلين اثنا عشر حرفا، والإمامة فرع الايمان فيجب أن يكون القائم بها اثنى عشر إماما.
الوجه الثاني: ان الله أنزل في كتابه العزيز: (ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثنى عشر نقيبا) فجعل عدة القائمين بذلك الامر اثنى عشر، فتكون عدة أئمة القائمين بهذا كذلك، ولما بايع رسول الله صلى الله عليه وآله الأنصار ليلة العقبة قال: أخرجوا لي منكم اثنى عشر نقيبا كنقباء بني إسرائيل فصار ذلك طريقا متبعا وعددا مطلوبا.
الوجه الثالث: قال الله تعالى: (ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون وقطعناهم اثنتي عشرة أسباطا) فجعل الأسباط الهداة إلى الحق بهذه العدة فتكون الأئمة كذلك.
الوجه الرابع: ان مصالح العالم في تصرفاتهم لما كانت في حصولها مفتقرة إلى الزمان، وكان عبارة عن الليل والنهار، وكل واحد منهما حال