فإنه شاور فيه ثقاته وأهل وده فقالوا: هذا أمر عظيم لا يتم إلا بعمرو بن العاص فإنه قريع زمانه في الدهاء والمكر وقلوب أهل الشام مايلة إليه، وهو يخدع ولا يخدع، فقال: صدقتم ولكنه يحب عليا فأخاف أن يمتنع، فقالوا:
رغبه بالمال واعطه مصر.
فكتب إليه: من معاوية بن أبي سفيان خليفة عثمان بن عفان إمام المسلمين وخليفة رسول رب العالمين ذي النورين، ختن المصطفى على ابنتيه، وصاحب جيش المعسرة وبئر رومة المعدوم، الناصر الكثير الخاذل المحصور في منزله، المقتول عطشا وظلما في محرابه، المعذب بأسياف الفسقة، إلى عمرو ابن العاص صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وثقته وأمير عسكره بذات السلاسل، المعظم رأيه المفخم تدبيره.
اما بعد فلن يخفى عليك احتراق قلوب المؤمنين وفجعتهم بقتل عثمان، وما ارتكبه جاره بغيا وحسدا وامتناعه عن نصرته وخذلانه إياه، حتى قتل في محرابه، فيا لها مصيبة عمت الناس، وفرضت عليهم طلب دمه من قتلته، وأنا أدعوك إلى الحظ الأجزل من الثواب، والنصيب الأوفر من حسن المآب بقتال من آوى قتلة عثمان.
فكتب إليه عمرو بن العاص: من عمرو بن العاص صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله إلى معاوية بن أبي سفيان: أما بعد فقد وصل كتابك فقرأته وفهمته، فاما دعوتني إليه من خلع ربقة الاسلام من عنقي، والتهور في الضلالة معك وإعانتي إياك على الباطل واختراط السيف في وجه علي بن أبي طالب عليه السلام، وهو أخو رسول الله ووصيه ووارثه وقاضي دينه ومنجز وعده، وزوج ابنته سيدة نساء أهل الجنة وأبو السبطين سيدي شباب أهل الجنة، واما قولك إنك خليفة عثمان فقد صدقت ولكن تبين اليوم عزلك من خلافته، وقد