عند الله تعالى الزهد في الدنيا فجعلك لا ترزأ من الدنيا شيئا ولا ترزأ منك الدنيا شيئا. (أي لا تنقص منها ولا تنقص منك وارتزأ الشئ: نقص).
وقد أورده صاحب كفاية الطالب أبسط من هذا قال: سمعت أبا مريم السلولي يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: يا علي أن الله قد زينك بزينة لم يزين العباد بزينة أحب إلى الله منها، الزهد في الدنيا، وجعلك لا تنال من الدنيا شيئا ولا تنال الدنيا منك شيئا، ووهب لك حب المساكين فرضوا بك إماما، ورضيت بهم اتباعا، فطوبى لمن أحبك وصدق فيك، وويل لمن أبغضك وكذب عليك، فاما الذين أحبوك وصدقوا فيك فهم جيرانك في دارك، ورفقاؤك في قصرك، واما الذين أبغضوك وكذبوا عليك فحق على الله ان يوقفهم موقف الكذابين يوم القيامة، وذكره ابن مردويه في مناقبه.
فقد ثبت لعلى الزهد في الدنيا بشهادة النبي صلى الله عليه وآله له بذلك ولا يصح الزهد في الشئ إلا بعد معرفته والعلم به، وعلي عليه السلام عرف الدنيا بعينها، وتبرجت له فلم يحفل بزينتها لشينها، وتحقق زوالها فعاف وصالها وتبين انتقالها فصرم حبالها واستبان قبح عواقبها وكدر مشاربها فألقى حبلها على غاربها وتركها لطالبها وتيقن بؤسها وضررها فطلقها ثلاثا وهجرها وعصاها، إذ أمرته، فعصته إذ أمرها، وعلمت انه ليس من رجالها، ولا من ذوي الرغبة في جاهها ومالها، ولا ممن تقوده في حبالها، وتورده موارد وبالها فصاحبته هدنة على دخن وابتلته بأنواع المحن، وجرت في معاداته على سنن، وغالته بعده في ابنيه الحسين والحسن، وهو صلى الله عليه وآله لا يزداد على شدة اللأواء إلا صبرا، وعلى تظاهر الأعداء إلا حمدا وشكرا، مستمرا في ذات الله شديدا على أعداء الله وأوفى بأولياء الله، شاكرا لآلاء الله مستمرا على طريقة لا يغيرها، جاريا على وتيرة لا يبدلها، آخذا بسنة رسول الله صلى الله عليه وآله لا يحول