عن نهج هداه، معتقدا ان مجمله الذي ادعاه، ومقصده الذي افتراه فنحاه، هو المدلول الذي أراده الله، فقد ألحد في القرآن حيث مال به عن مدلوله، وسلك غير سبيله، وخالف فيه أئمة الهدى، واتبع داعي الهوى، فتعين قتاله أن أصر على ضلالته، ودام على مخالفته، واستمر على جهالته، وتمادى في مقالته إلى أن يفئ إلى أمر الله وطاعته، ولهذا جعل رسول الله (ص) القتال على تأويله كالقتال على تنزيله، فقاتل النبي صلى الله عليه وآله من جريمته أقوى لموضع النبوة ووكل قتال من جريمته دون تلك إلى الامام، إذ كانت الإمامة فرع النبوة، فقاتلهم علي عليه السلام بعهد من النبي صلى الله عليه وآله إليه، ولقد كان يصرح بذلك في يوم قتالهم وعند سؤاله عن ذي الثدية واخراجه من بين القتلى، ويقول: والله ما كذبت ولا كذبت.
وهذا بتمامه نذكره عند ذكرنا لحروبه صلى الله عليه وآله، وما وجده من اختلاف الأمة عليه عليه السلام وتظاهرهم على منابذته ومحاربته، وشق العصا عليه وسبه على المنابر والتبري منه وتتبع أولاده وشيعته من بعده، وقتلهم واخافتهم في كل ناحية وقطر والتقرب إلى ولاة كل زمان بدمائهم والطعن في عقائدهم ومنعهم حقوقهم بل بغضهم وتطريدهم وتشريدهم حتى لعلك لا تجد مدينة من مدن الاسلام، ولا جهة من الجهات إلا وفيها لطالبي دم مطلول وثار مطلوب تشارك في قتلهم الأموي والعباسي، واستوى في اخافتهم العدناني والقحطاني، ورضي باذلالهم العراقي والشامي، لم يبلغ من الكفار ما بلغ منهم، ولا حل بأهل الكتاب ما حل بهم، هذا حال من قتل، فاما من استبقي فليته أصاب القوت، أو وجد البلغة وكيف ومن أين يجدها وهو مهان مضطهد فقير مسكين، قد عاداه الزمان وأرهقه السلطان، وهذا الكلام وان لم يكن من غرض كتابنا هذا فان القلم جرى بسطره. والحال ساق إلى ذكره.