ثم ضحك فقلت: مما ضحكت يا أمير المؤمنين؟ قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله فعل مثل ما فعلت ثم ضحك فقلت: مم ضحكت يا رسول الله؟ قال: يعجب الرب من عبده إذا قال: رب اغفر لي ويقول: علم عبدي انه لا يغفر الذنوب غيري.
وروى الحافظ أبو نعيم ان النبي صلى الله عليه وآله قال لعلي يوما: مرحبا بسيد المسلمين وامام المتقين، وقال ابن طلحة: وإذا وصفه بكونه امام أهل التقوى كان مقدما عليهم بزيادة تقواه، والتقوى ثابتة له بصفة الزيادة على غيره من المتقين، واما زهده في الدنيا فقد ذكرنا في الفصل المعقود له ما فيه غنية وكفاية، فيلزم من حصول صفة التقوى وصفة الزهد له أن يترتب عليهما مقتضاهما من حصول العلم المفاض على قلبه، من غير دراسة بل بتعليم الله تعالى إياه.
وقال ابن طلحة في الفصل الذي أفرده في فضله وعمله: هذا فصل في أرجائه مجال المقال واسع، ولسان البيان ضارع وثاقب المناقب لا مع، وفجر المآثر طالع، ومراح الامتداح جامع، وفضاء الفضائل شاسع فهو لمن تمسك بهداه نافع، ولمن تمسك بعراه رافع، فياله من فضل! فضل كؤوس ينبوعه لذة للشاربين، ودروس مضمونه مفرحة للكرام الكاتبين، وغروس مستودعه من مستحسنات حسنات المقربين، يعظم عند التحقيق قدر وقعه، ويعم أهل التوفيق شمول نفعه، ويتم أجر مؤلفه بجمعه وهو لمن وقف عليه قيد بصره وسمعه، ولم أورد فيه ما يصل إليه وارد الاضطراب، ولا أودعته ما يدخل عليه زائد الارتيات، ولا ضمنه غثا تمجه أصداف الاسماع ولا غثاء تقذفه أصناف الألباب، بل مرتب له أخلاف رواية الخلف عن السلف، حتى اكتنف بزبد الأوطاب ونظمت فيه جواهر در صرحت بها ألسن